وَدَعْوَى
اجْتِمَاعِ الجِنِّ فِي طَاعَةٍ لَهُ *** بِتَعْزِيمِهِ أَنَّى
يَشَأْ طَوْعَ مُسْعَدِ
وَأَنَّ
الدَّرَارِي فِي السَّمَاءِ بِزَعْمِهِ *** تُخَاطِبُهُ يَكْفُرْ
وَبِالسَّيْفِ فَاقْدُدِ
*****
كذلك منَ السِّحرِ
المُكفِّر الكُفرَ الأكْبرَ الذي يسْتخْدمُ الجِنَّ، ويقول: إن الجِنَّ يُطيعونَه،
وأنه يَستَخدمُهم ويُسخِّرهم، هذا ما كان إلاَّ لِسلَيمانَ عليه السلام، معْجِزةٌ
لسُليمانَ لأنَّه سألَ اللهَ أن يُعطيَهُ مُلكًا لا يَنبغي لأَحدٍ مِن بَعدِه، هذا
خاصٌّ بِسليمان عليه السلام إجابَةً لدعْوتِه، حتى إنَّ مُحمدًا صلى الله عليه
وسلم في صَلاةِ الكُسوف أمسكَ الشَّيطانَ وهُو يُصلِّي وأرادَ أن يَربطَه في
سارِيةِ المَسجد حتَّى يلعَب به الصِّبيانُ، ثم ذَكر قَول سُليمَان: ﴿لَّا يَنۢبَغِي لِأَحَدٖ
مِّنۢ بَعۡدِيٓۖ﴾ [ص: 35]، فتَركه ([1])؛ لأنَّ هذا خَاصٌّ
بِسليمانَ عليه السلام، فالذي يقول: أنا أَستخْدِم الجِنَّ ويعْملون لي ما أَشاءُ؛
هَذا كَافرٌ الكُفر الأكْبَر بالإجْمَاع؛ لأنَّ الجِنَّ لا يُطيعونَه إلاَّ إذا
كَفر، لا يطِيعونَه مَجَّانًا، وبعضُ الناسِ يقولُ: أنا أَستَخدِم الجنَّ
المُسلِمين، وهذا كَذبٌ وتَرويجٌ، مَن أدراكَ أنَّهم مُسلمونَ؟ يَقولون: إنهم
مُسلِمونَ وهُم كَذَبَةٌ، فلا يَجوزُ اسْتخدَام الجِنِّ أبدًا.
الساحر الذي يَزعمُ أن النُّجومَ تُخاطبُه، وتُخبرُه بالأشْياءِ الغائِبةِ. كذَّابٌ لأنَّ النُّجومَ لا تُخاطبُ أحدًا، ولم يَخلُقِ اللهُ النُّجوم لهذا، إنَّما الذي يخاطِبُهم الجِنُّ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ النُّجُومِ، فَقَدِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ، زَادَ مَا زَادَ» ([2])، فالذي يَزعُم أن النُّجومَ تُخاطبُه وتُخبرُه، هذا كافرٌ الكُفرَ الأكبرَ؛ لأنَّ النُّجومَ لا تُخاطِب
([1]) أخرجه: البخاري رقم (461).