وَوَجْهَيْنِ
إِنْ لَمْ يَبْدُ مِنْ فِعْلِهِ سِوَى *** مُجَرَّدُ دَعْوَى فِعْلِ
ذَلِكَ أَسْنِدِ
وَسَاحِرُ
أَهْلِ الذِّمَّةِ ابْقِ بِأَجْوَدِ *** لِإِبْقَاءِ ابْنِ
الأَعْصَمِ المُتَمَرِّدِ
*****
أحدًا، وإنَّما الذي
يُخاطِبه الشَّياطينُ، فهذا يُقدُّ بالسَّيف؛ يعْني: يُقتلُ بالسَّيفِ كَما قال
صلى الله عليه وسلم: «حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ» ([1]).
إذا أَظهرَ هذا،
فَهذا لا شَكَّ في كُفرِه، وحُكمُه أنَّه يُقتل.
أما إذا لم يُظهِرْ
شَيئًا، ولكنَّهُ قال: أنا أَعملُ هَذه الأشْياءَ، أنا أعمَلُها وأسْتطيعُ أن
أعْمَل كَذا. ولكنه ما بَدرَ مِنه شَيءٌ، فهذا فيهِ وجْهان في المَذهب:
قيلَ: إنَّ حُكمه
حُكم الأوَّلِ، يَكفُر ويُقتلُ.
وقيلَ: ما دام أنَّه
لم يَفعَلْ شيئًا، وإنَّمَا هي مُجرَّد دَعوى، فيُمسَك ويُعزَّر، ويُمنَع شَرُّه.
هذا الذي سَبقَ إذا
كان السَّاحر من المُسلِمين فهذا حُكمهُ كما ذُكرَ، أما إذا كان السَّاحرُ من غيرِ
المُسلِمينَ فإنَّه لا يُقتل؛ لأن عِندَهم كُفرًا أشَدُّ من السِّحر؛ ولأنَّ
الرَّسول صلى الله عليه وسلم لم يقتل لَبِيد بْن الأَعصَم الذي سَحرَ النَّبيَّ
صلى الله عليه وسلم.
فالسِّحرُ أثَّر في الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم ؛ بحيثُ إنه يُخيلُ إليه أنَّه فعلَ الشَّيء وهو لم يفْعَله، وهو لم يُخلِّ بِعَقْلِه، وإنَّما صارَ عندَهُ شَيءٌ منَ التَّوهيمِ، بأنَّه فَعل الشَّيء وهُو لم يَفعلْه، حتى جاء المَلكانِ فَرقَياه صلى الله عليه وسلم بالمُعَوِّذَتين فَأبْرأ اللهُ رسولَهُ وأَخبرَاه بِمكانِ السِّحر، وأنَّهُ في بِئر ذروان في جف طلعة نخل، فأرسَلَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم من استَخْرج السِّحر من البِئر
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (1460)، والدارقطني رقم (3204)، والحاكم رقم (8073).