وَحَرُمَ
وَعَنْهُ أَكْرَهْ إِجَارَةَ مُصْحَفٍ *** كَبَيْعٍ وَفِي الإِبْدَالِ
وَجْهَيْنِ أَسْنِدِ
*****
القول الثاني: أنَّه لا بَأس
بِنقطِ المَصاحفِ، ولا بأس بِشَكلِها؛ لأن هذا منَ المَصلَحَة، والتَّسهيلِ على
القُرَّاءِ، فلا بأسَ بوضْعِ النُّقطِ، ولا بأس بِوضعِ الشَّكلِ على الحُروفِ،
وهذا شيءٌ عَرفه السَّلف، وفيه مصْلحَة وتَسهيلٌ لقِراءَة القُرآن، وهذا ممَّا
يَدلُّ على أنَّ القُرآن يَجبُ أن يُصان ولا يُدخل فيه أشْياء لَيسَت مِنه.
بَيعُ المُصحَف
وتَأجيرُ المُصحفِ عَلى قَولينِ في المَذهبِ:
القَول الأَوَّل: أنَّه حرامٌ، وهو
قَولُ ابن عُمرَ وغَيرِه مِن الصَّحابَةِ: أنَّه لا يَجوزُ بَيعُ المصاحِف؛
لأنَّها لَيست مالاً، ولأنَّها كَلام اللهِ، وإنَّما البيع للمَال، وهذا ليسَ
مالاً، ولا يُقصد به المَالُ، فلا تُباع المَصاحِف، حتى إن ابنَ عُمر قال: «وَدِدْتُ
أَنَّ الأَيْدِيَ تُقْطَعُ فِي بَيْعِ المَصَاحِفِ».
القول الثَّاني: أنَّه لا بأسَ ببَيعِ المصَاحِف؛ لأنه لو لَمْ يَجزْ بَيعُها تَتعطَّل كِتابة المَصاحِف ونَسخُها وطَبعُها، فلا مانع من بَيعِها، والبَيع إنَّما يقعُ عَلى عَمل النَّاس؛ لأنَّ المُصحفَ فيهِ أَوراقٌ وفيهِ مِدادٌ وفيهِ جلدٌ، فالمُصحفُ فيهِ أشْياء ماليَّةُ، وكلامُ الله لا يُباع، وإنما الذي يُباع هو هذه الأشْياءُ؛ ورقُ المُصحفِ وجِلدُ المُصحَف والمِدادُ وعَملُ الكِتابَةِ، فلو مُنع البيعُ تَعطَّل انتِشَار المُصحَف، مع أنَّه لا دَليلِ على المَنع، فالصَّحيحُ أنه يَجوزُ بيعُ المُصحفِ، ولا يُقال: هو بَيعٌ لكلامِ اللهِ، وإنما هو بَيعٌ لشيءٍ فيهِ كلامُ الله، وكذلك التأجير، على القَول بأنَّ البَيع لا يجوزُ، فكذلك لا يجوزُ تَأجيرُه.