×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

قد وَلَّى، مثل الزَّرع إذا اصْفَرَّ، لم يبق إلاَّ حَصادُه.

فتَأهَّبْ إلى المَوت وتُب إلى اللهِ، واعْلمْ أنَّك في آخِرِ عُمُرك، وحتَّى لو أنَّك صَبغْتَ بالسَّواد، ولو أنك حَلقتَه أو نَتفْتَه لا يفيدُك شَيئًا، قال تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ[الجمعة: 8]، أنتَ تَفرُّ من الموت تحسَبُه وَراءكَ وهُو قُدَّامَك، ﴿فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ ما قال: فإنه مُلاحِقكُم، بل قال: ﴿فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ وهذَا من العَجبِ أنَّك تَفرُّ من الشَّيءِ وهو مُلاقِيك، يعني كأنك تذهَبُ إليهِ.

«وَلِلقَزْعِ أَكْرَهُ» القزع: هُو حَلقُ بعضِ الرَّأسِ وتركُ بعضِه، كأن يحلِقَ وَسَطَه ويترك الجوَانِب، أو يَترُك وسَطهُ، ويحلق أطرَافَه، أو يُحلق مواضع ويُترك مواضِع من الشَّعر كقَزعِ السَّحابِ المُتفرِّق، كل هذا مكْروهٌ وعَبث بالشَّعرِ. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «احْلِقْهُ كُلَّهُ أَوْ دَعْهُ كُلَّهُ» ([1])، أما أنَّك تَحلقُ بَعضهُ وتَتركُ بعضَهُ فهذا مَنهيٌّ عنه، وهو تَشبُّه بطائفَة من النَّصارى يسمون الشَّمَامِسَة يعملون القَزع، فإما أن تحْلِق رأسَك كُلَّه، وإما أن تتركَه كُلَّه.

وكذلك يُكرَهُ للفَتياتِ أن يُدلِّسنَ أنفُسَهُنَّ بشيءٍ من غير حَقيقتِهنَّ، بأن يتجَمَّلنَ بشيءٍ ليس من خِلقتِهِنَّ، هذا تدليسٌ، بحيث أنَّها تَعمل شيئًا يجعلُها كأنَّها شابَّة، أو كأنَّها بيضاء اللَّون، تغير حقيقتَها، لا مانع من أنَّها تَتزيَّن، ولكن بغير التَّدليسِ على النَّاس.


الشرح

([1] أخرجه: أبو داود رقم (4195).