وَمَكْرُوهٌ
اسْتِطْبَابُهُمْ لاَ مِنْ ضَرُورَةٍ *** وَمَا رَكَّبُوهُ مِنْ
دَوَاءٍ مُوصَدِ
*****
ما تخفي صُدورُهُم
منَ الحِقدِ والبُغضِ للمُسلِمين أكْبَر مِمَّا يَبدو من أفوَاهِهِم؛ لأنَّهم
أعْداءٌ في الدِّين، والعدَاوَةُ في الدِّين هي أكْبرُ أنْواع العَداوَة.
كُلُّ العَدَاوَةِ قَدْ تُرْجَى مَوَدَّتُهَا *** إلاَّ عَدَاوَةَ مَنْ
عَادَاكَ فِي الدِّينِ
عَدُوُّ الدِّين لا
يُمكِن أن يُحبَّك أبدًا، ثُمَّ قَال جل وعلا: ﴿قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۖ﴾ [آل عمران: 118]
يعني العَلامَات الدَّالَّة عَلى بُغضِ الكُفَّار للمُسلِمينَ والكَيدِ لَهم
وإضْمارِ الشَّرِّ لَهُم: ﴿إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾ [آل عمران: 118] دلَّ على
أن الذي لا يَتَنَبَّه، وَيمنحُ الثِّقَة للكُفَّار أنَّه غَيرُ عَاقِلٍ، يَعني
غَير عَاقلٍ العَقْلَ المُميِّز بَينَ الضَّارِّ والنَّافِع، هَذا كُلُّه تَحذيرٌ.
والنَّاظمُ ذَكرَ
أنَّهم لا يُوَلَّوْنَ أمْوالَ المُسلِمينَ، وَلا يُولَّونَ تَقسيمَ الأمْوالِ على
المُسلِمين؛ لأن المَالَ هو قُوةُ المُسلِمين، فإذا تَولَّوه خَانوا وبَخَسوا هذا
المَالَ وضَيَّعوهُ حتَّى يَضعُفَ المُسلِمون، فالكَافِرُ سواءً كان ذميًّا أو
غَير ذِمِّيٍّ لا يُولَّى مالَ المُسلمِينَ والإشْرَافَ عَليهِ.
كذلك مَكروهٌ، يعني كَراهَةَ تَنزيهٍ، اسْتطْبَابُ الكُفَّار: أي العِلاج عِندَهم إذا وُجِد من أطِبَّاء المُسلمينَ مَن يَقوم بِالعلاجِ، أما إذا لَم يُوجد مِن المُسلمين مَن يَقوم بالعِلاج فَإنَّه يُعالج عِندَهم من باب الضَّرورَة، ولهذا قال: «لاَ مِنْ ضَرُورَةٍ»؛ أي يُكره العلاج عند الكُفَّارِ إلاَّ عِندَ الضَّرورَةِ؛ لأنهم لا يُؤمَنونَ فِي إضْرارِ المُسلِمين وعَدمِ النُّصحِ لَهم، فرُبَّما يُعطونَ المَريضَ دَواءً يَقتُله، أو يُؤثِّرُ في جِسمِه ويُضعِفه، ولكن عِند الضَّرورَة تَزولُ الكَراهَة، وكذَلكَ لا يُؤمَنُونَ على الدَّواءِ الذي