×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَيَحْرُمُ تَصْدِيرُ الكَفُورِ بِمَجْلِسٍ *** وَفِي سُبُلٍ فَاضْطَّرَ لِلضِّيقِ وَاضْهِدِ

*****

 يُركِّبونَه هم؛ لا نسْتَعْمِلُه إلاَّ بَعد أن نَعرِف مُركَّبَاتِه، وَمُفردَاتِه؛ لأنهم قد يَدسُّون فيهِ ما يَضرُّ المُسلِمين من سُمٍّ أو غَيرِه، وأمَّا حَالُ المُسلِمين اليَومَ وعندَهُم وَزارات صِحَّة، وعندهم مَن يُشرف على هذه الأدْوِيَة ويُحلِّلُها، ولا يُسمح باستِيرَادِها إلاَّ بعدَ الفَحصِ والتَّدقِيق، فهذا والحَمدُ لله يكفي، إذا وُجدَت فِئةٌ من المُسلِمين تتَولَّى الإشرافَ على الأدْويَة وتوريدِها وفَحصِها، ووضعت التَّرخِيص لِهذه الأدْوِيَة، فما يكون في الصَّيدلِيَّات الآن كُلُّه قد مرَّ عَلى مُختَبرات وَزارَة الصِّحَّة ومُرخَّص فيه. «مُوصَدِ»؛ يعني ما يُدرى ما تَركِيباتُه ومَوادُّه.

يَحرمُ تَصديرُ الكُفَّار في المَجالِس؛ لأنَّ هذا فيه تَعظيمٌ لَهم، فلا يُجعل الكافِرُ في صَدرِ المَجالِس، وإنَّما يَجلِسُ في مكان لا يكونُ فيه تَعظِيم، وكذلكَ في الطَّريق يُضْطَرُّون إلَى أضْيَقه، كما قال صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ» ([1])، فَلا يُفسَحُ الطَّريقُ كُلُّه للكافِرِ، بل يَكونُ كَسائرِ المَارَّةِ لا يَكونُ له مَيزةٌ في الطَّريق، هذا الكافر العادي، أما الكافِرُ الذي جاء بِصفَة رَسمِيَّة ويُخاف عليه ومَعه حِراسَة، هذا له شَأنٌ آخَر، إنَّما الكَلام في الكَافر العَادِي الذي ما له أهمِّيَّة ولا عليه خَوف أنه يُعتَدى علَيهِ، فَلا يُمَكَّن من وسَطِ الطَّريق من بابِ التَّعظيمِ له، والاحْترامِ له، وإنما يَكون كَسَائرِ المَارَّة، هو لا يُمنَع من المُرور، ولا يُضيَّق عَليه بِمعْنى أنَّه يُوقعُ به الضَّررُ في المُرور، ولكِنَّه لا يُفسح له الطَّريقُ إفْساحًا كاملاً من باب التَّعظيمِ له والاحترام له.


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (2167).