فَفِي
السَّقَمِ وَالآفَاتِ أَعْظَمُ حِكْمَةٍ *** مُيَقِّظَةٍ ذَا
اللُّبِّ عِنْدَ التَّفَقُّدِ
*****
حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» ([1])، ويُروَى هذا مَرفُوعًا
إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلا يجوزُ التَّداوِي بالحَرامِ، وأخْطرُ من
ذلك الذي يتَدَاوى بالشِّركِ: كالذَّبحِ لِغيرِ اللهِ، والعِلاجِ عِندَ الكَهنَة،
وعِندَ السَّحرَة، فهذا يُفسد العَقيدَة، وقد يُخرج الإنْسانَ من الإسْلام، بأن
يَذبَح لِغير اللهِ بأن يَأمُره الخَبيثُ بأن يَذبَح لغَيرِ اللهِ، يأمره بأشْياءَ
مِن المَعاصِي، أو يأمُرَه بِدواءٍ مُحرَّمٍ، فَلا يَجوزُ التَّداوي عند السَّحرَة
وعِندَ المُشعوذِين والكُهَّان والدَّجاجِلَة، وإنَّما يُتداوى عند الأطِبَّاء
الذين يعالِجون بالأدوِيَة المُباحَة، هذا هو الذي يُباح، وتَركُه أولَى، أما
العِلاج بِالحرامِ، والعلاجُ عند السَّحرَة والمُشعْوذين والدَّجَّالينَ، فهذا
أمرٌ محَرَّمٌ وخَطرٌ عَلى عَقيدَة المُسلِم.
اللهُ جل وعلا يُجرِي السَّقَم والمَرضَ لِحكمَة، لا يُجريها سبحانه وتعالى عَبثًا، ولا يُجريها ظُلمًا لعِبادِه، وإنما يُجريها لحِكمَة من أجل أن يَتنَبَّه الغَافلُ ويتَذكَّر فَيتوبُ إلى الله عز وجل، ويُصلح العمل فإنَّ جَريان المَصائبِ والأمْراضِ على المُسلِمين مَصلَحةٌ لَهم، وأما جرَيَانُها على الكُفَّار فإنه أخذٌ لَهم وقَطعٌ لِدابِرهم، فالأمراضُ والأسْقام التِي تَحُلُّ بالمسلمين هي من صالِحِهِم؛ لأجْلِ أن يَتوبُوا إلى اللهِ عز وجل، ويفَكِّروا في هذه الدُّنيَا، وقرب المَوتِ فَهِي مُنبِّهَة، ومُوقِظَةٌ، ومُذكِّرة يَستفِيدُ مِنها المُسلِم، وكم من عاصٍ مُفرِّطٍ يُصاب بمرضٍ ثمَّ يتوبُ إلى الله عز وجل وتَحسُن حَالهُ ويرجع إلى الله عز وجل بِسببِ مَا أصَابَه؛ فاللهُ حَكيمٌ عَليمٌ، وهو لا يُجري
([1]) أخرجه: البخاري معلقًا في كتاب الأشربة.