فَخُذْ
أَهُبَّةً فِي الزَّادِ فَالمَوْتُ كَائِنٌ *** فَمَا مِنْهُ
مِنْ مَنْجَا وَلاَ عَنْهُ عَنْدَدِ
*****
تعالى: ﴿أَوَ لَمۡ نُعَمِّرۡكُم
مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُۖ﴾ [فاطر: 37]، أنَّ
النَّذيرَ هُو الشَّيبُ، فإذا شَاب الإنسَانُ ماذا يَنتظِر، ما ينتَظِرُ إلاَّ
المَوتَ، ما بعد الشَّيبِ إلاَّ المَوتُ، فعليه أن يَستَعِدَّ، ويخْتِم عُمُره
بالأعمال الصَّالحَة، ما بعد المَشيبِ طُولُ أملٍ، ولا بعد المَشيبِ بَقاءٌ في هذه
الدُّنيا، الشَّابُّ يمكنُ أنَّه يَظنُّ أنه لا يزال على مُهْلَة؛ لأنه شَابٌّ،
وأنه باقٍ له بَقيَّة من عُمُره، ولكن إذا بَدأَ الشَّيب لم يبق لكَ مَيدان؛ لأنه
ما بَعد الشَّيب إلاَّ المَوتُ.
وأيضًا، إذا بَدأ
الشَّيب بَدأتِ الأسْقامُ، قال تعالى: ﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعۡفٖ ثُمَّ جَعَلَ مِنۢ بَعۡدِ ضَعۡفٖ قُوَّةٗ ثُمَّ جَعَلَ مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةٖ ضَعۡفٗا وَشَيۡبَةٗۚ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡقَدِيرُ﴾ [الروم: 54].
«فَخُذْ أَهُبَّةً»؛ مِن الأعْمالِ الصَّالحَة، قال الله جل وعلا: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [البقرة: 197]، تَزوَّدُوا للآخِرَة بالتَّقوى؛ لأنَّ المَوت لا بُدَّ منه، لو أنَّ أحدًا يَبقى لبَقِي من قَبْلك، ولكن ما فيهِ أحَد يَبقى، قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ﴾ [العنكبوت: 57]، ما فيهِ أحَدٌ يَبقى، فما من المَوت مَهربٌ أبَدًا، ولكن عليكَ بالاسْتعْدَاد له، قال صلى الله عليه وسلم: «تَذَكَّرُوا هَادِم اللَّذَّاتِ» ([1])؛ يعْنِي المَوتَ، «فَإِنَّكُمْ لاَ تَذْكُرُونَهُ فِي كَثِيرٍ إلاَّ قَلَّلَهُ، وَلاَ فِي قَلِيلٍ إلاَّ كَثَّرَهُ» ([2]).