×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَيُكْرَهُ تَطْيِيبُ القُبُورِ وَسَرْجُهَا *** وَعَنْ لَثْمِهَا وَالأَخْذِ مِنْ تُرْبِهَا زِدِ

*****

 فإذا مرَّ بالمَقبَرةِ يُستحبُّ له أن يَقولَ هذا، وإذا زارَ ميِّتًا مُخصِّصًا، فإنَّه أيضًا يُسلِّم عليهِ ويدعو له وينْصَرف، وليس لِزيارَة القُبورِ وقتٌ معيَّنٌ، بل متى زارَها في أيِّ يومٍ حصلَ المَقصود، فالذين يُخصِّصون الزِّيارة بِيومٍ مُعين، ليس عندَهم دَليلٌ على هذا، وإنَّما هو اسْتحسانٌ منْهم، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: «زُورُوا الْقُبُورَ»، ولم يحدِّدْ يومًا، ما قال: زُوروها يَوم الجُمُعَة، زُوروها يَومَ العيدِ، وما أشبه ذَلك ممَّا يَظنُّه بعض النَّاس، هذه كلُّها ليس لها أصْلٌ.

هذه الأمورُ محرَّمةٌ عندَ زيارَة القُبور، يُكره تَطييبُ القُبورِ، يعني جَعلَ الطِّيب عَليها ممَّا يُرغِّب الزُّوَّار، ويُعلِّقُ قُلوبَهم بِالقَبر، سواءً كان هذا الطِّيبُ من الطِّيبِ السَّائل أو من الطِّيب البَخورِ، فلا يجوز جعْلُ المَباخِر عند القُبور، ووضْعُ العُودِ فيها، هذا باطلٌ لا يجوزُ، فلا يُجعلُ عند القُبورِ أيُّ نوعٍ من الطِّيب.

وكذلكَ لا يجوز إسْراجُ القُبورِ بأن يُجعلَ عَليها قَناديلُ ومصابِيحُ؛ لأن هذا يُعلِّق قُلوب العَوامِّ والجَهلَة بها، وقد لعن صلى الله عليه وسلم زائراتِ القُبورِ، والمُتخِذينَ عليها المساجِد والسُّرُج، والسُّرجُ: المَصابيحُ، فلا يجوز إسْراجُ المَقبرة أو إسْراجُ القَبر، وكذلك يحرُمُ الكِتابَة على القَبرِ، بأن يُكتب عليه اسم المَيِّت، أو تاريخ وفاته، أو ترجَمة لَه، نهى صلى الله عليه وسلم عن الكِتابَة على القُبورِ؛ لأن هذا وسيلَةٌ إلى الشِّرك، وإلى تعظيمِ هذا القَبرِ، والغلُوِّ فيه.


الشرح