×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَمَا قَدْ رُوِي عِنْدَ المَزُورِ بِقَوْلِهِ *** فَكَمْ مُرْسَلٍ قَدْ جَاءَ فِيهِ وَمُسْنَدِ

*****

 المَيتِ، مثلُ الحَجِّ عن المَيِّتِ، العُمرةُ عن الميت، الدُّعاءُ للميت، كل هذه أمور ثَبتَ بها الدَّليلُ، وإذا تقَبَّلها اللهُ فإنها تَنفعُ المَيتَ، ويصلُ ثَوابها إليهِ، أما ما لم يرِدْ به دَليلٌ فإنه لا يَجوز فِعلُه، كأن يُقرأ له القُرآن، ويُهدى إليه ثَوابُ القُرآن؛ هذا لم يرد فيه دَليلٌ، أنه يُقرأ له أو يُستأجرُ المُقرئون يَقرءون ويهدون ثواب الخَتمات له في رمضان أو في غَيرِه، هذا مُبتدَعٌ لا دَليلَ عليهِ، وإن كان بَعض الفقهاءِ يقول: كُلُّ قُربَةٍ فَعلَها وَجعلَ ثَوابَها لِمسلمٍ حَيٍّ أو مَيتٍ نفَعهُ ذَلك. نقولُ: هَذه القَاعدَةُ لَيْسَتْ مُسَلَّةً، مَا ثَبتَ بِه الدَّليلُ فَلا بَأسَ، وإلا فَالأصلُ أنَّ عَملَ الإنْسانِ لَه، قال تعالى: ﴿وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ٣٩ وَأَنَّ سَعۡيَهُۥ سَوۡفَ يُرَىٰ [النجم: 39- 40]، الأصلُ أنَّ العَملَ أَجرُه للعامِلِ، ولا يُخرج عَن هذا الأصْلِ إلاَّ بِدليلٍ، فما لم يَثبتْ به دَليلٌ فلا نَفعلُه، هذا هو الصَّواب في هذه المسألة.

إذا زارَ القُبورَ فإنَّه يَدعُو ويَستغفِر للمَيِّت، كانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم إذا مرَّ بالقُبور يَستقبِل الأمْواتَ بِوجْهِه ويَقولُ: «السَّلاَُم عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ القُبُورِ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ، يَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَالمُسْتَأْخِرِينَ، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلاَ تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ، اغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ» ([1]).


الشرح

([1] أخرجه: بنحوه مسلم رقم (974).