×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَيُهْدَى إِلَيْهِمْ مَا تَيَسَّرَ فِعْلُهُ *** مِنَ البِرِّ وَالقُرْآَنِ يَنْفَعُ مَنْ هُدِي

*****

وكذلك النِّساءُ لا يجوز لهُنَّ زيارَةُ القبور، كما في حديث ابْنِ عباس: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» ([1]).

واللَّعنُ يقتضي أنَّ هذا الأمْرَ كبيرةٌ من كَبائرِ الذُّنوب، وقرنَها بالذينَ يتَّخذونَ المَساجدَ عَلى القُبورِ، والسُّرُجَ، فدلَّ على تَحريمِ زيارَةِ النِّساء للقُبور؛ لأن المرأة ضَعيفةٌ ربَّما إذا رأت قبر قريبها، أنَّها تَتسخَّط وتَجزع، ويظهر منها مُنكرٌ في الزِّيارَة من النياحة وغير ذلك، وأيضًا المرأةُ عورَةٌ إذا ذهبتْ إلى القُبورِ ربَّما يُصادفُها الفُسَّاقُ ويحصل مفاسِدُ، فالمرأة يحرُمُ عليها زِيارَةُ القبور.

وأما قولُ أُمِّ عَطيَّة رضي الله عنها: «نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا»؛ فيكفِي قَولُها: «نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ»، وأمَّا قولُها: «لَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا»، فَهَذا رأيُها هِي، وكذلك كَونُ عَائِشةَ رضي الله عنها زَارَت قَبرَ أخِيها عبد الرَّحمن، هَذا لا يدل على الجَوازِ؛ لأنَّه اجْتهادٌ منها، ورُبَّما أنه لم يبلغها حَديثُ: «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ»، وَلا حُجَّة في قولِ أحَدٍ أو فِعلِ أحَدٍ غَير الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، فإذًا الزِّيارة المُحرَّمة هي الزِّيارَة الشِّركِيَّة أو البِدعِيَّة، وكذلك زيارة النِّساء للقُبورِ، وإنَّما هذا مُقتصرٌ على الرجال، ومُقتصرٌ على ما جاءتْ به السُّنَّة من مَقاصدِ الزِّيارَة.

هذه مَسألةُ إهدَاءِ ثَوابِ الأعْمالِ إلى الأمْواتِ، وهذه المَسألَة فيها تَفصيلٌ، ما ثَبتَ الدَّليلُ بإهْدائِه فإنه يُهدَى، وذلك مثلُ الصَّدقَة عن


الشرح

([1] أخرجه: أبو داود رقم (3236)، والترمذي رقم (320)، والنسائي رقم (2043).