×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَيُشْرَعُ لِلذُّكْرَانِ زَوْرُ مَقَابِرِ *** وَيُكْرَهُ فِي أَوْلَى المَقَالِ لِنُهَّدِ

*****

كبائِر الذُّنوب، وهي من أمُورِ الجاهِليَّة، وكذلك لَطمُ الخُدودِ، وشقُّ الجُيوبِ، وقد لعَنَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّالقَةَ والحَالقَةَ والشَّاقَّةَ ([1])؛ الصَّالقَةُ: التي تَرفعُ صَوتَها عندَ المُصيبَةِ، الحَالقَةُ: التي تحْلقُ شَعرها عندَ المُصيبَةِ، الشَّاقَّةُ: التي تَشقُّ ثَوبَها عند المُصيبَة، قال صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» ([2])؛ لأنَّ هذه أمورٌ فيها اعْتراضٌ على قَدرِ اللهِ، وفيها جَزعٌ، والواجِبُ الصَّبرُ والرِّضا بِقضاءِ اللهِ وقدَرِه، وعدم إظهارِ الجَزع والسُّخْط، فهذه الأمورُ مُحرَّمةٌ وهي من أمور الجاهِليَّة.

زيارَةُ القُبورِ مُستحَبَّةٌ للرِّجال؛ لِقولِه صلى الله عليه وسلم: «زُورُوا الْقُبُورَ؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ بالآْخِرَة»، والغرضُ من زيارَة القُبور أمْران:

الأمْرُ الأَوَّلُ: تَذكُّر الآخِرَة، والاعْتبارُ بأحْوال المَوتَى، فإن هذا يُلَيِّن القَلبَ ويُنبِّه من الغفْلَةِ.

والأمر الثَّاني: الدُّعاءُ للمَيتِ، والاسْتغفارُ له، وهذا يَنفعُ المَيت.

فزيارَةُ القُبورِ الشَّرعِيَّة فِيها مَنفعَتان: منْفَعَةٌ للحَيِّ، وذلك بالاعتبارِ والاتِّعَاظِ، ومنفَعَةٌ للمَيتِ، وذلك بالدُّعاءِ له.

أما الزِّيارَة التي يُقصد منها التَّبرُّكُ بالأموَاتِ، والاستغاثَةُ بالأمْواتِ، والتَّمسُّح بالقُبور، فهذه زيارَة شِركيَّة، أو زيارة بدْعِيَّة شركِيَّة محَرَّمة، كما يفعله عُبَّاد القُبور الذين يزورون الأضْرحَة لطَلب الحَوائجِ، وللدُّعاء عنْدَها.


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (1234)، ومسلم رقم (104).

([2] أخرجه: البخاري رقم (1294)، ومسلم رقم (103).