×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَعَنْهُ إِلَى وَجْهٍ وَعَنْهُ وَكَفِّهَا *** كَمَحْرَمِهَا مِنْ غَيْرِ خُلْوَةٍ ابْعِدِ

*****

وكَفَّيها، فالحاصِلُ أنه يَنظُر ما دَعتِ الحَاجَة إليه ممَّا يدُلُّ على جمالِها أو عَدم جَمالِها، هذه رخْصَةٌ مُستثْنَاةٌ من تَحريم نَظرِ الرَّجلِ الأجْنَبِيِّ إلى المرأة التي هي من غيرِ مَحارِمِه، وهذا من أدِلَّة الحِجابِ، فلو كانت المَرأةُ سَافِرةً، وتخرج إلى الشَّوارِع وهي سَافرةٌ، وتجلس مع الناس وهي سافرة ما احْتَاجَ إلى أن يَنظُرَ إليها، فدلَّ هذا على أنها كَانتْ مُحجَّبة ولا يُرى وَجهُها، ولا يُرى كَفَّاها، ولا يُرى شَعرُها، هذا هو الأصلُ، فرخَّصَ له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من أجل الخِطبَةِ أن ينظر إلى هَذهِ الأشْياءِ، وأن تكْشِفَها له، فهذا من أدِلَّةِ وُجوبِ الحِجاب، وأنه لا يُرخصُ النَّظرُ إلى المرأة من قِبلِ الرَّجلِ إلاَّ للخَطيبِ إذا خطبها وأُجيبَ إليها.

عن الإمام أحْمدَ: أنَّه يَنظُر إلى وَجهِها وكَفَّيها، وروايةٌ ثانيةٌ: أنه يَنظُر إلى وجْههَا فقط، روايتان عن الإمام أحْمدَ، ولا بدَّ أن يكونَ ذلكَ من غَيرِ خُلوةٍ بها، بل يكون بِحضُور ولِيِّها، ومن تَزولُ به الخُلوَة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَا خَلاَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلاَّ كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ».

فَهؤلاءِ الذين يُبيحُونَ للخَطيبِ أنه يُسافِرُ بِمخطوبَتِهِ ويَخلُو بها، ويَقولون: هذه مَخْطوبتُه؛ هؤلاء خالَفُوا الشَّرعَ، واسْتباحوا ما حَرَّم اللهُ؛ لأنَّها أجْنبيَّة فكيف يُسافر بها، وكيفَ يَخلو بها، وكيفَ تُرافِقه، هذا في الحقيقة سَببٌ للفَساد، وسَببٌ لوقوع الفواحِش، فيمكن أنه يَعبَث بها ويَتخَلى عنْها، ويمْكُر بها، وهذا حرامٌ لأنها لا تكون زوجَةً له بِمجرَّد الخِطبة، بل هي أجْنبيَّة.


الشرح