وَوَجْهُ
الفَتَاةِ انْظُرْ إِذَا كُنْتَ خَاطِبًا *** وَمَا يَبْدُ
مِنْهَا غَالِبًا فِي المُؤَكَّدِ
*****
الخاطِبُ إذا خطَبَ
امْرأةً جاز لهُ أن يَنظرَ إلى مَا يُرغِّبه فيها، أو يَمنَعُه من الزَّواجِ بها
لئَلا يَدخُل عَليها وهو على جَهلٍ بها فَيحصُلُ بينهُمَا سُوء تَفاهُم، الشَّارعُ
أباحَ له أن ينْظُر إليها، والرَّسولُ صلى الله عليه وسلم يقول للخَاطبِ: «انْظُرْ
إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» ([1])؛ أي أن يَحصُلَ
الوِفاقُ بَينكُما، والعُلماءُ ذَكرُوا أنه ينْظُر إلى ما تَدعُو الحَاجَة إلى
النَّظرِ إليه ممَّا يُرغِّبه فيها، وهذا يَحصُل بالنَّظرِ إلى وَجهِها، فإن
الوَجهَ هُو الذي يدُلُّ على جَمالِ المَرأة أو دمامَتِها، وبعضهم قال: يَنظُر إلى
الوَجهِ والكَفينِ؛ لأنَّ الوجهَ يدُلُّ على جمالِ المَرأة أو دمامتها، والكفَّانِ
يَدلانِ على خُصوبَةِ البَدنِ أو عدمِ خُصوبَتِه، وهل ينْظُر إليها بدون أن
تَعْلَم أو ينظر إليها مع عِلمِها ويجتمعُ مَعها بحضرة وليها؟ على قولين:
فمنهم من يقول: يَنظُر
إليها مع عدَمِ علْمِها، بأن يَتخَبَّئ لها؛ لأن جابرًا يقُول: «تَخَبَّأْتُ لَهَا»؛
فهو يتخَبَّئ في مَكانٍ لا تَعلَم عنْه فَينظُر إليها؛ لأنها لو عَلمَت فَربَّما
تَمتَنع، أو ربما تَتصَنَّعُ بِشيءٍ غَير صَحيحٍ يُغرِ الرَّجلَ، وكونه ينظر إليها
على هَيئَتِها وطَبيعَتِها من غير تَكلُّفٍ يكون أحْسن، ولقوله: «تَخَبَّأْتُ
لَهَا»، وفي الحديث: «إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهَا» ([2]).
وبعضُ العُلمَاء يَقولُ: يَكونُ هذا عن اتِّفاقٍ بَينَه وبينَ وَليِّها وبينها هي، فينظرُ إليها من غَيرِ خُلوَةٍ يكون عندهُمَا وليُّها، ينظُرُ إلى وَجهِها
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (1087)، وابن ماجة رقم (1865)، والحاكم رقم (2697).