×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَإِنْ مَرِضَتْ أُنْثَى وَلَمْ يَجِدُوا لَهَا *** طَبِيبًا سِوَى رَجُلٍ أَجِزْهُ وَمَهِّدِ

*****

والإحكامُ: هو الإتْقانُ، فهذا العلمُ مُحكمٌ ومتقَنٌ من عند الله عز وجل، وليس من عَمَل البَشر، فاللهُ أعطى كُلَّ ذي حَقٍّ حقه، فهذه الأنصِبَة، توقيفٌ منَ الله سبحانه وتعالى وهو أعلمُ بِمصالِح عِباده، ولم يَكلْ قِسمتَها إلى نَبيِّه وإنَّما تولى قِسمتَها هو سبحانه وتعالى، فكفَى بِذلك شَرفًا لهذا العِلم.

«تَدُلُّ عَلَى الإِحْكَامِ كُلَّ مُرْشَدِ»؛ تَدلُّ الرَّشيدَ العَاقلَ على إحكامِ هذا الفَنِّ، وأنه شَرعَه الله لحكْمَةٍ مِنه سبحانه، ولهذا قال: ﴿وَصِيَّةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٞ [النساء: 12]، عليمٌ: بما يُصلح عِباده، وحكيمٌ: في وَضع هذه الأشْياء في مَواضعها اللائقَة بها.

إذا مرِضتِ المرأةُ واحتاجَتْ إلى علاجٍ فإنْ وُجدتِ امرأةٌ تُعالجُهَا مختَصَّةٌ فإنه لا يجوز أن تُعالَجَ عِند الرَّجلِ، وأما إذا لم يوجدِ امْرأةٌ وهي مُضطرَّةٌ إلى هذا العِلاجِ فإنَّه يَجوزُ أن يُعالجَها الرَّجلُ بقدْرِ الضَّرورَةِ؛ لأن اللهَ جل وعلا أباحَ لِعبادِه ما يُزيلُ عنهمُ الضَّرورَةَ فقالَ سبحانه: ﴿إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ [الأنعام: 119]، فَالحاصلُ أنه لا يجوزُ تَطْبيبُ النِّساءِ عندَ الرِّجالِ إلاَّ إذا لم يوجدْ طَبيباتٌ من النِّساءِ.

«أَجِز» علاجَ الرَّجلِ الطَّبيبِ للمرأَةِ عند الضَّرورَةِ، وإن وُجِدَتِ امرأةٌ لم يَجزْ عِلاجُها عند الرَّجلِ، وهذا أمرٌ يجبُ العِنايَةُ به؛ لأن المُسلمينَ تَساهَلوا في هذا الأمْرِ فَصارتِ النِّساءُ تُعالجُ عند الرِّجالِ من غير ضَرورَةٍ، فهناك مُستشْفياتٌ فيها طَبيباتٌ، ومُستوصَفاتٌ فيها طَبيباتٌ، فالواجبُ على المَرأةِ نَفسِها أو وَلِيِّهَا أن يذهَبَ بها إلى الطَّبيباتِ ويُعالجَها عندَ النِّساءِ، ولا يذهبُ بها إلى قِسْمِ الرِّجالِ إلاَّ عِند


الشرح