وَمَا
حَلَّ لِلمُضْطَرِّ حَلَّ لِمُكْرَهٍ *** وَمَا لاَ فَلاَ غَيْرَ
الخُمُورِ بِأَوْكَدِ
وَلَغْوٌ
مَعَ الإِكْرَاهِ أَفْعَالُ مُكْرَهٍ *** سِوَى القَتْلِ
وَالإِسْلاَمِ ثُمَّ الزِّنَا قَدِ
*****
«وَمَا حَلَّ
لِلمُضْطَرِّ»؛ أكْلُه من المَيتَةِ، ولَحْمِ الخِنزِير؛ لقوله تعالى لما ذكَرَ
المُحرَّمات قال: ﴿إِلَّا
مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ﴾ [الأنعام: 119]، وقال: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِيرِ
وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ﴾ [المائدة: 3]، ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ
عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ
لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ﴾ [البقرة: 173]، فما يُباحُ
للضَّرورةِ، يُباح عند الإكْراهِ، فإذا أُكره أحدٌ على أكلِ المَيتَة، فإنه يأكُلُ
منها دفعًا للإكراه، إذا هُدِّدَ بالقَتلِ أو بالضَّربِ، بأن هَدَّده ظالِمٌ، ولا
يتخلص منهُ إلاَّ بأكل المُحرَّم، فإنه يأكل من المُحرَّم دفعًا للإكراه.
أفعالُ المُكرَهِ
وأقوالُهُ لَغوٌ؛ يعني ليسَ لها اعتبارٌ؛ لأنه لم يَقصدْها ولم يَنوِها، وإنما
نوَى التَّخلُّص من الإكراه، حتَّى ولو أكرِهَ على التَّلفُّظ بِكلامِ الكُفرِ
فإنه يتلفظ للتَّخلُّص من الإكْراه، قال تعالى: ﴿مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ
وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾ [النحل: 106]، فالمُكرهُ
يُباح له أن يَدفَع الإِكرَاه بالكَلام الذي أُجبر عليه، ولو كان كلامًا
مُحَرَّمًا أو مَكرُوهًا، وفعله لَغوٌ؛ لأن فِعلَ المُكرَهِ وُجودُه كَعدَمِه لا
يُعتَبرُ، إلاَّ في المَسائل المُستَثناةِ وهي:
1- القتلُ:
لَو أُكرِه عَلى قَتلِ آخَر لا يَجوزُ له أن يَفدِي نفسَه بقتْل غَيرِه، فلو قَتلَه
يَضمَن؛ لأنَّه لا يَجوزُ له أن يَقتُلَ نفسًا مَعصومَةً من أجْلِ افْتدَاء نَفسِه
هو.
2- والإسلامُ: إذا أُكرِه على الإسْلامِ فأسْلمَ، فإن إسلامه، يعتبر