×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَإِنْ يُبْنَ مَا بَيْنَ المَقَابِرِ مَسْجِدٌ *** فَحَرِّمْ وَفِي المَبْنِيِّ مِنْ قَبْلِهَا اسْجُدِ

وَلاَ بَأْسَ إِنْ صَلَّى لِمَيِّتٍ بِمَسْجِدِ *** وَإِنْشَادُ شِعْرٍ مِنْ مُبَاحٍ لِمُنْشِدِ

*****

كذلك من أحكامِ المَساجِد أنَّها لا تُبنى على القُبورِ، وهذا شيءٌ نهى عنه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ولعنَ من فَعَلَه، لعن الذين يَبنونَ المَساجدَ على القبور ([1])؛ لأن هذا وَسيلَة من وسائلِ الشِّركِ، وهذه طريقَةُ اليهود والنصارى، أنَّهم يَبنونَ المساجِدَ والمُصلَّياتِ على قُبورِ الصَّالحينَ، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فإذا وُجدَ مَسجدٌ مَبنيٌّ على قَبرٍ فإن كان القَبرُ هو السَّابقُ والمَسجدُ حَادثٌ فإنَّه يُهدم المسجد ويُترك القبر، وإن كان العكْسُ، المَسجدُ هو القَديمُ والقَبرُ محدَثٌ فِيهِ فإن القبر يُنبشُ، ويُنقلُ إلى المَقابِر، ويُفرغ المسجِدُ من القَبرِ، أما أن تَبقَى المساجد على القُبور، فهذا فعل اليهُودِ والنَّصارى، وهذا وسيلة من وسائل الشرك.

تُباح الصَّلاة على الجَنائِز في المسجد، وإن صُلِّي عليها خَارجَ المَسجد فهو أحسن، وقد فَعل هذا صَحابَة رَسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يُصلَّى عَلى الجَنائز في المَساجد في وقتهم.

وقوله: «وَإِنْشَادُ شِعْرٍ مِنْ مُبَاحٍ لِمُنْشِدِ»؛ كذلك يجوز في المسْجِدِ إِنشادُ الشِّعرِ النَّزيهِ الذي ليس فيه كلامٌ باطِلٌ، ليس فيه غَزلٌ ولا مجونٌ، ولا أغراضٌ سَيِّئَةٌ، وقد أُنشد في المسجد على عهدِ النَّبي صلى الله عليه وسلم، فكان حسَّانُ بنُ ثَابت رضي الله عنه يُنشد عنْدَ الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد، ويُتخذُ له مِنبرٌ يُلْقِي عليه قصائِدَهُ في المسجد عند الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّ شِعر حسَّان رضي الله عنه


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (1330).