ومِنْ
غَرْسِ مَا يَمْتَدُّ مِنْهُ عُرُوقُه *** إِلَى بِئْرِ مَاءِ
الْجَارِ في المُتَأَطَّدِ
وسِيَّانُ
مُؤْذِي الْمَالِ والنَّفْسِ يا فَتَى *** وضمِّنْه ما أَرْداهُ
فِعْلُ الْمُصدِّدِ
ويُكْرَهُ
أَكْلُ الْهجم إِنْ يترصدنْ *** معَ الإِذْن لكِنْ دُونهُ احْضِرْهُ واطْرُدِ
وبشَّ
إِلَى الضَّيْفان وامْزَحْ على القِرى *** لتذهبَ عنه خَجْلةَ
المُتنكِّدِ
وكُنْ
مُؤْثرًا إِنْ كان في الزَّاد قِلَّةٌ *** ولا تتكلَّفْ تَعْجزنَّ
فتَفْنَدِ
*****
للجُلُودِ؛ لأَنَّ
دِباغةَ الجُلود لها رائِحَةٌ كريهةٌ تُؤْذِي الجِيْران.
كذلك يُمنع مِن
غَرْسِ الأَشْجار التي تمتدُّ عُروقُها إِلى بِئْرِ الجار، أَوْ تمتدُّ أَغْصانُها
إِلى هَوائِه؛ لأَنَّ هذا أَذًى.
يُمنع أَذَى الجارِ
سواءً كان الأَذَى للآدميِّيْن أَوْ الأَذَى لمالٍ لجار، فيُمنع هذا؛ لأَنَّ
المالَ مُحترَمٌ، ويَغْرَمُ ما أَتْلَفَهُ مِن مالِ جارِه.
تقابل الضَّيْفَ
بالبشاشة حتى يَطْمئِنَّ ولا يخجل مِن نزوله بِكَ، إِذَا بَشَشْتَ في وَجْهِهِ،
وضَحِكْتَ له فإِنَّه بذلك يَطْمئِنُّ ولا يحصُل عنده خَجَلٌ، وهذا مِن إِكْرامه.
وحتى لو كان القِرا يسيرًا مع البشاشة، فإِنَّه يكون خيرًا مِن القِراءِ الكثيرِ
مع عدم البشاشة.
إِذَا كان المُضيفُ
ما عنده إلاَّ طعامٌ قليلٌ فإِنَّه يُؤْثِرُ به الضَّيْفَ على نفسه؛ لأَنَّ
الضَّيْفَ له حقٌّ واجبٌ.
وهذا معنى قوله: «وَكُنْ
مُؤْثِرًا إِنْ كان في الزَّادِ قِلَّةٌ» يعني إِنْ كان لا يكفيك أَنْتَ
وإِيَّاهُ، قدِّمِ الضَّيْفَ وأَنْتَ يأْتيك اللهُ جل وعلا برِزْقٍ، ﴿وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ
يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا ٢ وَيَرۡزُقۡهُ
مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ﴾ [الطلاق: 2- 3]، وقدْ مدَح اللهُ المُؤْمنين بأَنَّهم
يُؤْثِرون على أَنْفُسِهم، ولو كان بِهم خصاصةٌ،