ومَعْ
بَنِي دُنْيَا إِنْ أَكَلْتَ فَاحْتَشِمْ *** وَمَعْ
فُقرائِهِمْ آثِرْهُمُ تَسَدِّدِ
والاِخْوانُ
مَعْهُمْ إِنْ أَكَلْتَ فَانْبَسِطْ *** ووَانِسْ ولا تَذْكُرْ
كلامًا يُنكِّدِ
ولا
تَحْكِيَنَّ الْمُضْحِكاتِ فيُشْرِفوا *** ولا تَذْكُرَنْ بَوْلاً ولا
قَذِرًا رَدِي
*****
ووَصَفَ الأَبْرارَ فقال: ﴿وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ
عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: 8]،
يُقدِّمونَهم على أَنْفُسِهم، وهم يُحبُّون الطَّعامَ، وقال تعالى: ﴿لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ
حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ﴾ [آل عمران: 92].
إِذَا كُنْتَ تَأْكل
مع ناسٍ أَغْنياء فإِنَّك تأْكل مِثْلهم، وإِنْ كُنْتَ تأْكل مع فُقراء فأَنْتَ
تُراعيهم؛ لأَنَّهم بحاجة إِلى الطَّعام، فتُراعيهم وتُقلِّلُ مِن الأَكْل وتُوفِّره
لهم.
الاجْتماعُ على
الطَّعام سُنَّةٌ، وليس هذا خاصًّا بالضِّيافة، وإِذَا اجْتمعتَ مع الإِخْوان على
طعامٍ فينبغي لك أَنْ تُراعيَ الآدابَ معهم، وذلك بأَنْ تَنْبسط معهم ولا تكنْ
مُنقبِضَ النَّفْس، بلْ إِنَّك تنبسطُ مع إِخْوانك، تُمازحهم وتُباسطُهم، هذا مِن
حقِّ الإِخْوة. «ولا تَذْكُرْ كلامًا يُنكِّدِ» لا تَذْكُرْ لهم كلامًا
يُنَكِّدُ عليهم، بل الْتَمِسِ الكلامَ الذي فيه راحةٌ لهم، وتَطْيِيْبُ خواطرِهم،
ولا تَذْكُرْ كلامًا يُكدِّر عليهم.
ولا تَذْكُرْ
المُضْحكات والنُّكَتَ وهُمْ يأْكلون؛ لأَنَّه ربَّما يحصُل لأَحَدِهم ضررٌ، فيضحك
ثُمَّ يشرق بالطَّعام أَوْ بالشَّراب، وكذلك لا تَذْكُرْ لهم الأَشْياءَ المذمومةَ
كالبَوْل والغائِطِ وهُمْ يأْكلون؛ لأَنَّ هذا يُكرِّه الطَّعامَ لهم.
هذا مِن أَحْكام
الضِّيافة، يقول: لا تَحْقِرَنْ القليلَ من القِرى، قدِّمه وبادرْ به.