×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

ولا تَحْقِرَنْ شيئًا يُقدِّمك للقِرى *** وتعجيلُ نَزْرٍ زِيْنةُ للمُصرِّدِ

ويُكرَهُ أَكْلُ التُرْبِ إلاَّ تَدَاوِيًا *** وأَكْلُ خبيثِ الرِّيْح غيرُ مُصخَّدِ

*****

«وتعجيلُ نَزْرٍ زينةٌ للمصرد» تعجيلُه ولو كان قليلاً فهو أَحْسنُ من التَّأْخير ولو كان المُؤَخَّرُ كثيرًا؛ لأَنَّ الضَّيْفَ قدْ يكون جائعًا ولا يتحمَّل الانتظارَ، فقدِّمْ له الموجودَ عندك، ولا تتكلَّفْ شيئًا غيرَ موجودٍ، لا تتكلَّفِ المفقودَ.

أَكْلُ التُّراب يحرُم لأَنَّه مُضرٌّ، إلاَّ إِذَا كان فيه دواءٌ، إِذَا وُصِفَ بأَنَّه دواءٌ فلا بأْسَ بأَكْلِه، أَمَّا إِذَا كان ما فيه فائِدةٌ دوائِيَّةٌ فإِنَّ أَكْلَه يضرُّ بالصِّحة، وكذلك ما له رائِحةٌ كريهةٌ يُكرَه أَكْلُه كالثُّوم والبصلِ والكراثِ؛ لأَنَّ النَّاسَ يتضايقون مِن روائِحِ هذه الأَشْياءِ، ولا سيَّما في المساجد، فمَنْ كان فيه رائِحةٌ كريهةٌ فلا يدخلْ المسجدَ، وكذلك المجالسة، لا تُجالسِ النَّاسَ وأَنْتَ آكِلٌ كراثًا أَوْ آكِلٌ ثومًا أَوْ بصلاً، فتُؤْذي الجُلَساءَ؛ لأَنَّ بعضَ النَّاس لا يُبالي، وأَشدُّ مِن ذلك رائِحةُ الدُّخان وهي كريهةٌ خانقةٌ، وأَشدُّ من ذلك أَنَّه يدخل المسجدَ وهو بهذه الرائِحةِ الكريهةِ، فينبغي للمسلم أَنَّه يتأَدَّب ويقطعُ الرَّوائِحَ التي تُؤْذِي، وإِنْ كان هو لا يَأْنَفُ منها، فإِنَّ النَّاس يَأْنَفُونَ منها، ويتضايقون منها، والدُّخانُ غيرُ قاصرٍ ضررُه على الذي يشربه، بلْ حتى على مَنْ شمَّه فإِنَّه يضرُّه؛ لأَنَّه يدخل إِلَى جَوْفِه ويدخل إِلَى خياشيمه فيضرُّ مَنْ يشمُّه، ولكنْ ابْتلى اللهُ المُدَخِّنين بقلَّةِ الحياءِ، فلا يحترمون الجُلَساءَ، ولا يحترمون إِخْوانَهم، وهذا يدلُّ على أَنَّ الدُّخانَ مُفتِّرٌ ومُخدِّرٌ، ينسى الإِنْسانُ أَنَّه مع النَّاس وينسى حقوقَ الجليس فلا يُبالي إِذَا أَخْرج الدُّخانَ


الشرح