×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَيَحْسُنُ تَصْغيرُ الفتى لُقْمةَ الغَدَا *** وبَعْدَ ابْتِلاعٍ ثَنِّ والمَضْغَ جوِّدِ

وتَخْليلُ ما بَيْنَ المواضعِ بَعْدَهُ *** وأَلْقِ وَجَانِبْ مَا نَهَى اللهُ تَهْتَدِ

*****

 وقال: «إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا وَلْيَمْسَحْ مَا عَلَيْهَا مِنَ الأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا» أَمَّا أَنْ تُهْدَرَ أَطْعِمةٌ ولُحومٌ وتُوضع في المزابل؛ ويرى النَّاظرُ إِذَا جاءَ إِلَى منازل النَّاس في البراري والنُّزَهات أَكْوامًا مِن الطَّعامِ واللُّحومِ مُتعفِّنةً فاسدةً وهناك أَنْفُسٌ جائِعةٌ، فهلْ هذا مِنْ آدابِ الإِسْلام، هذا والله يُخْشى مِن عقوبته؛ لأَنَّ هذا إِسْرافٌ وتبذيرٌ وإِهْدارٌ للنِّعَمِ، نَسْأَلُ اللهَ العافيةَ.

مِن آدابِ الأَكْل أَنَّك لا تُكبِّر اللُّقْمةَ؛ لأَنَّ هذا يدلُّ على الشَّرَهِ والنَّهَمِ، بلْ تُصَغِّرُ اللُّقْمةَ، وتَمْضَغُها جيِّدًا، ولا تُسْرِعْ في البَلْعِ.

لا تتْرك الطَّعامَ بَيْنَ الأَصابعِ بلْ كما سبق تَلْعَقُه، وأَمَّا الآثارُ الباقيةُ فتغسلها، ممَّا ليس فيها طعامٌ وإِنَّما هي آثارُ الطَّعام فقط، تغسلها أَوْ تَمْسحها بالمِنْديل، وتُخلِّل ما بَيْنَ أَصابعِك، لا تترك فيه بقايا مِن الطَّعام، وكذلك ما بَيْنَ أَسْنانِك، تُخلِّل أَسْنانَك، ولا تترك بَيْنَ الأَسْنانِ شيئًا مِن الطَّعام أَوْ مِن اللَّحْم؛ لأَنَّ هذا يُعفن رَائِحةَ الفَمِ ويضرُّ الأَسْنانَ أيضًا، تخليلُ الأَصابع، وتخليلُ الأَسْنان هذا مِن النَّظافة التي جاءَ بها الشَّرْعُ، ولا تترك رائِحةَ الطَّعام في يدِك أَوْ في أَسْنانِك، بلْ تغسل هذا وتُزِيْلُه، وإِذَا نام الإِنْسانُ وفيه رائِحةُ الطَّعام أَوْ في أَسْنانِه أَوْ في أَصابعِه، فهذا يُسبِّبُ له الضَّررَ، وربَّما يَجْلِبُ الحشراتِ السَّامة إِلَى يدَيْكَ وأَصابعِكَ فتتضرَّر، أَوْ إِذَا شَرِبْتَ اللَّبَنَ ولم تَغْسلْ فَمَكَ بعده فإِنَّه يبقى رائِحة اللَّبَن، وتنام فإِنَّه يَتَعَفَّن فَمُك، لا بدَّ أَنْ تَتَمَضْمَضَ بالماءِ، 


الشرح