وتُوجِبُ
لِلآْتي بِها فِي مقامِهِ *** الجَحِيْمَ رَوَى هذا ابْنُ مَاجَةَ أَسْنِدِ
وكَمْ
حَذَّرَ الهادي الورى عَنْ شهادةٍ *** بِزُوْرٍ بتَهْدِيْدٍ أَتَى وتَوَعُّدِ
*****
مِن أَكْبر الكبائر «أَلاَ
وَقَوْلُ الزُّور»، فَمَا زَالَ يُرَدِّدُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ
([1]). لمَا رَأَوْا مِن
تَأَثُّرِهِ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لَيْتَهُ سَكَتَ. إِشْفاقًا عليه مِن هذا
الذي أَصَابَهُ عند ذِكْرِ شهادةِ الزُّوْرِ مِن الاهْتِمام.
ولهذا قال: «وكُنْ
ذَا احْتِياطٍ عن شهادةِ فِرْيَةٍ» فِرْيَة: يعني الكَذِبَ، وشهادةَ
الزُّوْرِ. «تَؤُولُ إِلَى سَخْطِ المُهَيْمِنِ في غَدِ» شاهدُ الزُّوْر
يغضب اللهُ عليه يومَ يَلْقاهُ.
وتُوجِب أَيْضًا مع
سَخْطِ الله على شاهدِ الزُّوْرِ، تُوجِبُ له النَّارَ كما قال صلى الله عليه وسلم:
«لاَ تُزَالُ قَدَمَا شَاهِد الزُّورِ حَتَّى تَجِبَ لَهُ النَّارُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ» ([2]).
«الهادي» وهو الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم حذَّر النَّاسَ مِن شهادةِ الزُّوْرِ وغلَّظ فيها، مثلُ ما جاءَ في الأَحاديث وأَنَّها مِن أَكْبر الكبائِرِ، وفيها ضررٌ على المشهودِ عليه، وعلى المشهودِ له، المشهودُ عليه أَخَذَ حقَّه ظُلْمًا، والمشهودُ له أَعْطَيتَ له حقَّ الغير ظُلْمًا، فالشَّاهد في مثل هذه الحالةِ أَساءَ إِلَى المشهودِ له، والمشهودِ عليه، وهو يظنُّ أَنَّه يُساعِدُ المشهودَ له، كما يفعل بعضُ النَّاس الذين يشهدون حَمِيَّةً وفَزْعَةً، ويظنُّون أَنَّ هذا فيه نفعٌ ويتساهلون في الشَّهادة خصوصًا التَّزْكيةَ عند القاضي، أَوْ عند المَسْئُولين.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2654)، ومسلم رقم (87).