×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

أَمَا قَالَ قَوْلُ الزُّورِ أَعْلَى كَبِيرَةٍ *** مَعَ الشِّرْكِ فِي لَفْظِ الصَّحِيحَيْنِ قَيِّدِ

فَأَرْبَعَةٌ بِالزُّورِ يُهْلِكُ نَفْسَهُ *** وَبَاغٍ وَمَظْلُومٍ وَقَاضٍ تَعَمَّدِ

*****

 في الحديث الصَّحيحِ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَذَكَر أوَّلَها الشِّرك باللهِ عز وجل، إلى أن قال: «أَلاَ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، ألاَ وَقَوْلُ الزُّورِ»؛ فشهادَةُ الزُّورِ من أكبر الكبائر، والكبائِرُ: هي عظائِمُ الذّنوبِ، وهي تتفاوَتُ بَعضُها أشَدُّ من بعضٍ، أعظمُهَا وأشَدُّها وأخطرُهَا الشِّركُ باللهِ عز وجل ثم يليهِ الزِّنا، ثم قَتلُ النَّفسِ، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ لَا يَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا يَزۡنُونَۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ يَلۡقَ أَثَامٗا ٦٨ يُضَٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَيَخۡلُدۡ فِيهِۦ مُهَانًا [الفرقان: 68- 69]، الكبائِرُ تَختلِفُ، بعضها أشَدُّ من بَعض، ومن أكبرِ الكبائِرِ شَهادَةُ الزُّور، وقد أصبحَتْ عِند كَثير من الناس من أسْهَلِ الأمور.

شهادة الزور تُهلِكُ أربَعَةً من الناس:

أولاً: الشَّاهدُ، يُهلكُ نَفسَه بغضب اللهِ وسَخطِه.

الثَّاني: المَشْهودُ له والمُعتَدي الذي شَهِدْت له بِغيرِ حَقِّه، ساعدْتَه على الظُّلمِ والعُدوان وأعطَيتَ له حقَّ غيره.

الثَّالث: المَشهودُ عَليه الذي ظَلمتَه وأخذْت حقَّه.

الرَّابع: القاضي، الذي حمَلتَه على أن يَحكُم بغير حقٍّ؛ لأنَّ القاضي ليسَ له إلاَّ الظاهِرُ، لا يعلم أحْوال النَّاس، وإنما يَحكُم بما يظهر له، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّمَا أَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ» ([1])، فهو لا يعلَمُ الغَيبَ.


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (1713).