×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِحَدٍّ لِرَبِّهِ *** فَتَرْكُ الأَذَى أَوْلَى وَإِنْ شَا لِيَشْهَدِ

وَلَوْ قِيلَ دَعْوَى وَاعْكِسْ إِنْ تَخْشَ كَثْرَةَ *** الخَنَا أَوْ أَبَى وَعْظًا بَلْ أَوْجَبَ بِأَجْوَدِ

وَيُنْدَبُ لِلإِرْشَادِ لاَ لِمَثُوبَةٍ عَلَى *** كُلِّ عَقْدٍ غَيْرِ مَا أَوْجَبَ اشْهَدِ

*****

 ﴿كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلۡقِسۡطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ [النساء: 135].

لا لشَيءٍ إلاَّ للهِ سبحانه وتعالى من أجْلِ بَيانِ الحَقِّ، وإظْهارِ الحَقِّ والعدلِ بين الناس، فتُحتَسَبُ الشهَادَةُ أنها أجْرٌ عند اللهِ سبحانه وتعالى، وقيل: يَجوزُ للفَقيرِ أنهُ يأخُذُ على أدَاءِ الشَّهادَةِ، كأن يَحتاجَ إلى مَالٍ يُوصِّلُه إلى المحْكَمَة، وإلى القاضِي، يحتاج إلى أجْرَةِ دابَّة أو أجْرةِ سيَّارة، فيجوز له أن يأخذَ لأجلِ فَقره، من أجل أن يُؤدِّي الشَّهادَة، أما إذا كان غَنيًّا فلا يأخُذُ شيئًا على شهادته.

«وَقِيلَ إِنْ عَيَّنَا»، يعني إن تَعيَّنتْ عليهِ الشَّهادَة ليس هناك شاهدٌ غَيرُه، فهذا لا يَجوزُ أن يأخُذَ شيئًا من المال، أما إن كان هُناكَ شاهدٌ غيرُه فلا تتعين عليه الشَّهادَة؛ ويجوز له أن يأخُذَ. الشَّهادَةُ بِالحَدِّ لا تَلزَمُه.

إن شاء شَهِدَ، وإن شاء لم يَشهَدْ؛ ولو تَرتَّبَ عليهِ عَدم إقامَةِ الحَدِّ؛ لأنَّ الإسْلامَ يحثُّ على السِّترِ، وكونُهُ لا يَشهَد عليه ويَستُر عليه أحْسَن.

إلاَّ إذا كان المَشهودُ عليهِ بالحَدِّ كثير الخَنَا، كثير الجُرمِ، فَتشهَد عَليهِ من أجل أن يُردَع ويُقام عليه الحَدُّ، ففي هذه لا يُكره؛ لأن هذا فيهِ نَفعٌ للمُسلِمين، أما إذا كانتْ هذه أوَّل مَرَّة فسترُه أحْسنُ. اللهُ جل وعلا يقول: ﴿وَأَشۡهِدُوٓاْ إِذَا تَبَايَعۡتُمۡۚ [البقرة: 282]، ﴿وَٱسۡتَشۡهِدُواْ شَهِيدَيۡنِ مِن رِّجَالِكُمۡۖ [البقرة: 282]، هذا للإرشادِ فَقط،


الشرح