أَلاَ
إِنَّ شُرْبَ الخَمْرِ ذَنْبٌ مُعَظَّمٌ *** يُزِيلُ صِفَاتِ
الآَدَمِيِّ المُسَدَّدِ
*****
«أَلاَ إِنَّ شُرْبَ
الخَمْرِ ذَنْبٌ مُعَظَّمٌ»؛ لا شَكَّ في ذَلكَ من أنَّه من الكَبائِر، واللهُ جل
وعلا حذَّر منها في قوله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ
وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ
وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾ [المائدة: 91]،
الخمرُ: هي المُسكِرُ، والمَيسِرُ: هو القِمارُ، حذَّر الله منهما وجعلَهُما
قَرينان في التَّحذيرِ والنَّهيِّ، وأخبر أنَّ الشَّيطانَ يُريد أن يُوقِع
العداوَة والبَغضاءَ بين المسلمين، ومن أعْظَم الوَسائلِ لذلِكَ الخَمرُ
والمَيسرُ، ثم قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾ هذا حَثٌّ، أي انتَهُوا،
فاتركوا هاتين المادَّتينِ الخَبيثتينِ الخمْرَ والمَيسرَ، وفي الآية التي قبلها
يقول: ﴿رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ
ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ﴾ [المائدة: 90]، فقال: ﴿رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ﴾ ثم قال: ﴿فَٱجۡتَنِبُوهُ﴾، يعني ابْتَعِدوا
عنه، لم يقل: اتْركُوه، بل قال أشَدَّ مِن ذلك، قال: اجتَنِبوه، يعني: اترُكُوا
الأسْبابَ الموصلَةَ إليهِ وابتعدوا عن جُلساءِ السُّوء، وشُرَّاب الخُمور؛ لأنكم
إذا جَالسْتُموهم تخَلَّقتُم بأخلاقِهم، وقد كَثُرت الدِّعايات التي تَدعُو إلى
الخُمور، خصوصًا في الوقت الحاضِر وتسميتها بأنها الشَّرابُ الرُّوحي أو ما أشبه
ذلك، وجاء في الحديث أن الخَمرَ في آخر الزمان تُسمى بغَير اسْمِها، يسمونها
الشَّرابَ الرُّوحِيَّ ويسمونها بأسماء مرغِّبَة فيها، فهي من عمَلِ الشيطان،
والله جل وعلا أمر باجتِنابِها وبين أنها تُورِث العداوة والبغضاء، وأن الشَّيطانَ
يتخِذُها وسيلةً لِنشرِ العداوة والبغضاء بين المُسلمين، ثم قال: ﴿فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُون﴾ [المائدة: 91].