وَأَجْمَعَ
عَلَى تَحْرِيمِهَا كُلُّ مُسْلِمٍ *** فَكَفِّرْ مُبِيحَنَّهَا
وَفِي النَّارِ خَلِّدِ
وَإِدْمَانُهَا
إِحْدَى الكَبَائِرِ فَاجْتَنِبْ *** لَعَلَّكَ تَحْظَى بِالفَلاَحِ وَتَهْتَدِي
وَيَحْرُمُ
مِنْهَا النَّزِرُ مِثْلُ كَثِيرِهَا *** وَلَيْسَتْ دَوَاءً بَلْ
هِيَ الدَّاءُ فَأَبْعِدِ
*****
فيكون تَحريمُ
الخَمرِ إذًا ثابتًا بالكِتاب وبالسُّنَّة المُتواتِرَة وبإجماعِ أهْلِ العِلمِ،
فمن استَحَلَّهَا، بأن قال: إن الخَمرَ حلالٌ فإنه يكفر ويرتَدُّ عن دين الإسلام؛
لأنَّه مُكذِّبٌ لله ولرسولِهِ ولإجماعِ المُسلمِينَ، أما من شَربها ولم
يسْتَحِلَّها فإنه مرتكبٌ كَبيرةً من كبائِرِ الذُّنوبِ ولا يكفر بذلك، ولكن
يُعتَبر فاسقًا ساقطَ العَدالَة، مُعرَّض للوعيد والعَذاب.
وجاء الوعيدُ في أن
مُدمِنَ الخَمر: يعني المُداومَ عليها إذا ماتَ على ذَلكَ ولم يَتبْ لا يدخلُ
الجنَّة، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، مُدْمِنُ خَمْرٍ»
([1])، وجاء في الحديث «أنَّ
مُدْمِنَ الْخَمْرِ كَعَابِدِ الْوَثَنِ» ([2])، هذا وَعيدٌ شديدٌ.
«وَيَحْرُمُ مِنْهَا
النَّزِرُ مِثْلُ كَثِيرِهَا»؛ هذِه مَسَائِل تَتعلَّقُ بالخَمرِ، بعد أن فَرغَ
النَّاظِم من بيانِ تَحريمِها والوَعيدِ عَليها وشِدَّةِ مَفاسِدها، انتَقَل إلى
بَيان مَسائِل تَتعلَّق بالخَمرِ.
المسألةُ الأولَى: القَليلُ والكَثيرُ مِنها كُلُّه حَرامٌ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» ([3])، هذا حَديثٌ صَحيحٌ، فالخَمرُ حَرامٌ كُلُّها قليلُها وكَثيرُها، ولا يختَصُّ التَّحريمُ بما يُسكِرُ منها فَقطْ.
([1]) أخرجه: النسائي رقم (5672)، وابن ماجه رقم (3376)، والدارمي رقم (2093)، وأحمد رقم (6537).