فَمَا
جَعَلَ اللهُ العَظِيمُ دَوَاءَنَا *** بِمَا هُوَ مَحْظُورٌ
بِمِلَّةِ أَحْمَدِ
*****
المسألة الثَّانِيَة: يجبُ إهْدارُها
وإراقَتُها، ولا يجوزُ الاحتِفاظُ بها، ولهذا لمَّا نَزل تحريمُ الخَمر على
الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم خرجَ الصَّحابَةُ فَشقُّوا دِنَان الخَمرِ التي في
الأسواقِ حتى سالتْ في الشَّوارِع، فَيجِبُ إتْلافُ الخَمرِ، ولا يَجوزُ
الاحتِفاظُ بها، وسُئل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الخَمرِ تُتخذ خلًّا،
يَعني تُحبَس حتى يَزولَ الإسْكارُ منها وتَصيرُ خلًّا، قال: «لاَ» ([1])؛ يعني لا تُحبَس،
بل تُتلَفُ في الحالِ، ولا يجوزُ الإبقاءُ عليها وإمْساكُها.
المسألة الثَّالثَة: أنها لا يَجوزُ
التداوي بها؛ لأنَّها داءٌ وليسَت بدَواء، جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه
وسلم، سأله هل يُصنَع الخَمرُ للدَّواء؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «أَمَا
إِنَّهَا دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِدَوَاءٍ» ([2]). قالوا: وما ذَكرَه
اللهُ فيها من المنافِع في آيةِ «البقرة» لمَا حُرمت سُلبت هذه المنافِعُ ولم
يَبقَ فيها منفَعَةٌ، فهي داءٌ ومرضٌ، ولا يجوز التداوي بها، أو استعمالُها في
العِلاج، فالدَّواءُ الذي فيه كحول لها مفعُول في الدَّواء لا يجوز التَّداوي به،
وهو مُشتمِلٌ على شيء من الخَمرِ، والخَمرُ حرامٌ قليلها وكثيرُها كما سبق.
هذا نصُّ حَديثٍ:
جَاء عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال فيه: «تَدَاوَوْا وَلاَ تَدَاوَوْا
بِحَرَامٍ» ([3])، وقال عبدُ الله
بْنُ مَسعود كما في البُخاري:
«إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» ([4])، ويُروى مَرفوعًا إلى
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1983).