أَلاَ
إِنَّ قَذْفَ المُحْصَنَاتِ كَبِيرَةٌ *** أَتَى النَّصُّ فِي
تَعْظِيمِهَا بِالتَّوَعُّدِ
*****
عاد إلى القَذفِ،
وفيما سبَقَ ذَكرَ قَذفَ الصحَابَةِ لِمَيزَتِهم على غَيرِهم، وأنَّ قَذفَهم كُفرٌ،
والعياذُ باللهِ، ثُمَّ ذكَرَ قَذفَ بَقيَّة المُسلمينَ من رجَالٍ أو نساءٍ، وأنَّ
القَذفَ انتهاكٌ للعِرضِ، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ
دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ
يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا» ([1]). تصوروا والعياذُ
باللهِ لو أن شخصًا قَال: إن فلانًا قَد زَنى أو فعل اللُّواطَ. أليْسَ قد انتهك
عرضَهُ وأسقط مكانَتَه عند الناس، ولطَّخَ عِرضَه عند الناس، هذا أشَدُّ عليهِ من
أخْذِ مالِه، بل أشَدُّ عليه من قَتلِه، كونه يحيى بين الناس مقذوفًا بالفاحِشَةِ،
هذا فيه ضرَرٌ عَظيمٌ.
وأما ذمه بغيرِ
القَذفِ فهذا غيبةٌ وكبيرةٌ من كبائر الذنوب، فأعرَاضُ المُسلِمينَ محترمةٌ لا
يُغتاب ولا يُقذف المُسلم؛ لأنه عند اللهِ عظيمٌ، والكلمة ربما أنَّها تُلطخ
أسْرَةً كامِلةً، ولا يزول هذا من أذْهانِ النَّاس، خصوصًا المنافقين ينتهزون مثل
هذه الأمور، ويحيونها وينشرونها.
فيجبُ على المُسلمِ أن يحفَظَ لسانَه عن أعراض المسْلِمينَ، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا﴾ [الأحزاب: 58]، وحتَّى لو اطَّلَعَ الإنسانُ على زَلَّةٍ من أخيهِ في عِرضِه، كأن اطَّلَع عليه يفعل فَاحِشةً فإنه يسترُ عَليه: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ»، يستُرُ عَليهِ مع مُناصَحتِهِ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (67)، ومسلم رقم (1679).