وَمَنْ
تَابَ مِنْ قَذْفِ امْرِئٍ قَبْلَ عِلْمِهِ *** وَتَحْلِيلِهِ
لَمْ يُبْرَ فِي المُتَأَكِّدِ
خَفِ
اللهَ فِي ظُلْمِ الوَرَى وَاحْذَرْنَهُ *** وَخَفْ يَوْمَ
عَضِّ الظَّالِمِينَ عَلَى اليَدِ
وَلاَ
تَحْسَبَنَّ اللهَ عَنْ ذَاكَ غَافِلاً *** وَلَكِنَّهُ يُمْلِي لِمَنْ
شَا إِلَى الغَدِ
*****
إذا قذفَ مُسلِمًا
ثم تابَ من القذْفِ فإن هذا لا يُعفِيهِ من حقِّ أخِيهِ، لا بُدَّ أن يَطلُبَ منه
المُسامَحَة أو إقامَةَ الحَدِّ عليهِ؛ لأنَّ حقوق المخلوقينَ لا تسقطُ
بالتَّوبةِ، لا بُدَّ من مسامَحتهمْ أو ردِّ الحُقوقِ إلَيهم.
يُحذر من ظُلمِ
النَّاس، في دمَائِهِم وأمْوَالِهم وأعْرَاضِهم، والله جل وعلا قال: ﴿وَيَوۡمَ يَعَضُّ
ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيۡهِ﴾ [الفرقان: 27]، يومَ القِيامَةِ يعَضُّ على يديهِ من
شِدَّة النَّدمِ، فالظَّالِم وإن أمهلَ اللهُ له، فإن اللهَ يأخُذُه كما قال
تعالى: ﴿وَلَا
تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعۡمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَۚ إِنَّمَا
يُؤَخِّرُهُمۡ لِيَوۡمٖ تَشۡخَصُ فِيهِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ﴾ [إبراهيم: 42]، وقال:
«إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ»
([1])، وقال تعالى: ﴿وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ
أَمۡلَيۡتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٞ ثُمَّ أَخَذۡتُهَا وَإِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ﴾ [الحج: 48]، فلا
يُغتر بإمهالِ اللهِ عز وجل للظَّالمِ، أو يُقال: إنه ماتَ ولم يَحصُلْ لهُ شيءٌ
ولم يُعاقب، يُقال: هذا أشَدُّ عليه، ولو عُوقبَ في الدنيا لكان أهْونَ، ولكن
عُقوبَتَه في الآخرة أشَدُّ، فتأخيرُ عقوبتِه إلى الآخرة لَيسَ من حَظِّه.
يُحذِّرُ الناظِمُ رحمه الله من الظُّلمِ، والظُّلمُ في اللُّغةِ: وضعُ الشَّيءِ في غير مَواضِعِهِ، وقدْ يُطلَقُ على النَّقصِ، كما قال تعالى: ﴿كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡٔٗاۚ﴾ [الكهف: 33]، يعني ولم تُنْقَصْ منه شيئًا، والظُّلمُ حرَّمهُ اللهُ في كِتابِه، وحرَّمهُ النبي صلى الله عليه وسلم في سنَّتِه، وهو ثلاثة أنواع:
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4686)، ومسلم رقم (2583).