النوع الأوَّلُ: ظُلمُ الشِّركِ
وَهُو ظُلمٌ بينَ العَبدِ وبين ربِّهِ؛ لأنَّ المُشرِكَ وضَعَ العِبادَة في غَيرِ
مَوضِعِها، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ﴾ [لقمان: 13]، قال
تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ﴾ [الأنعام: 82]
يعْنِي بِشِركٍ، وهذا أعظمُ أنواعِ الظُّلمِ، وهذا لا يَغفِرُه الله عز وجل إلاَّ
بالتَّوبَة.
النوع الثَّانِي: ظُلمُ الناسِ في
دِمائِهِم وأموالِهِم وأعراضِهم، يظلم النَّاس في دِمائِهم ويَقتُل بغير حَقٍّ، أو
أموالِهِم فيأخُذُها بغيرِ حقٍّ بطَريقِ الغَصْبِ والخِيانَة والسَّرقَة وقطع
الطريقِ وغير ذلك، أو في أعْراضِهِم بالغِيبَةِ والنَّميمَةِ والقَذفِ، وشَهادَةِ
الزُّورِ، فهذا ظُلمٌ للناس، وهذا لا يَغفِرُه الله إلاَّ إذا سَمَح المَظلُومُ،
وإلا فإنَّ الله سَينتَصِرُ له وسيقْتَصُّ له من الظَّالِم يوم القيامة، فهذا لا
يُغْفَرُ إلاَّ إذا سَمَحَ المَظلُوم، ولو تاب الظالِمُ فإن هذا لا يُعفِيه من
القِصاصِ يوم القيامة حتى يَسمحَ المَظلومُ عن مَظلَمَتِه، قال تعالى: ﴿وَيَوۡمَ يَعَضُّ
ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيۡهِ﴾ [الفرقان: 27]، ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعۡمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَۚ
إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمۡ لِيَوۡمٖ تَشۡخَصُ فِيهِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ﴾ [إبراهيم: 42].
والنوع الثَّالِثُ: ظلمُ العَبدِ
لِنفسِه، وذلك بارتكَابِه للذُّنوبِ والسَّيِّئات؛ لأنَّه ظَلَمَ نفسَه بمعنى أنه
وَضعَها في غير موضِعِها اللائقِ بها وعرَّضَها للغضبِ والعُقوبةِ، وكان الواجب
العكسَ، أنَّهُ يُزكي نَفسَه بالطَّاعاتِ والقُرُباتِ ويُعرِّضها لثوابِ اللهِ،
فهو وضَعَ نَفسَه في غير موضِعِها، وقد ظَلمَها بِذلِك، وهذا الظُّلمُ تَحتَ المَشيئَةِ
إن شاء الله غَفَر لصاحِبِه، وإن