×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

شاء عذَّبَه. قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48]، وإذا لَم يَغفِر له فَإنَّه يُعذِّبه، ظُلمُ الوَرى هو أكْثَر ما يَقَع.

وقول النَّاظِم:

«وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ عَنْ ذَاكَ غَافِلاً *** وَلَكِنَّهُ يُمْلِي لِمَنْ شَا إِلَى الغَدِ»؛

هذا مأخوذٌ من قَولِه تعالى: ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعۡمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمۡ لِيَوۡمٖ تَشۡخَصُ فِيهِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ[إبراهيم: 42]، ولو أنَّهُ عَجَّلَ لهم العقوبة لكان أخَفَّ علَيهم، فكونُه أجَّلَها إلى يوم القِيامَةِ أشَدَّ علَيهم، فلا يفرَحُ الظَّالِم ويقول: أنا لمْ أعاقَبْ في الدنيا. بل يَنتظِرُه يومٌ، هو يومُ القِيَامَة. قال تعالى: ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعۡمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمۡ لِيَوۡمٖ تَشۡخَصُ فِيهِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ[إبراهيم: 42]، ﴿وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ أَمۡلَيۡتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٞ ثُمَّ أَخَذۡتُهَا وَإِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ [الحج: 48]، فلا يَغترَّ الظَّالِمُ، والظُّلمُ ظُلماتٌ يَوم القِيامَةِ، ودعَوةُ المَظلومِ مُستجابَةٌ، قال صلى الله عليه وسلم لمعاذِ بْن جَبَل رضي الله عنه لمَّا بعثَهُ إلى اليمن قال: «وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» ([1])، وحتَّى ولو كان المَظلومُ كافرًا، فإنَّهُ لا يجوز ظُلمُ الكُفَّار، الظُّلمُ حَرام مطلقًا، ولو دعا الكافِرُ على ظالِمِه فإن اللهَ يَستجيبُ له، والظُّلمُ شَنيعٌ جدًّا.


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (2448)، ومسلم رقم (19).