×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

فَلاَ تَغْتَرِرْ بِالحِلْمِ عَنْ ظُلْمِ ظَالِمٍ *** سَيَأْخُذُهُ أَخْذًا وَبِيلاً وَعَنْ يَدِ

أَلاَ إِنَّ ظُلْمَ النَّاسِ ذَنْبٌ مُعَظَّمٌ *** أَتَى النَّصُّ فِي تَحْرِيمِهِ بِالتَّوَعُّدِ

وَيُرْجَى لِغَيْرِ الظُّلْمِ غُفْرَانُهُ غَدًا *** وَإِنْ يَشَأ المَظْلُومُ يَقْتَصُّ فِي غَدِ

وَمَنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا يَشِحُّ بِمَالِهِ *** فَكَيْفَ بِهِ يَوْمَ العَذَابِ المُؤَبَّدِ

*****

لا تَغتَرِرْ بحلْمِ اللهِ وإمهالِهِ لَكَ، أو عجز المَظلومِ عن أخْذِ حَقِّهِ، لا تَغتَر بهذا، فإنه مَحفوظٌ ومدَّخرٌ، وستوقَفُ عِندَه يوم القيامة.

كما في الآياتِ والأحادِيثِ، التَّحذِيرُ مِن الظُّلمِ وحَثُّ الظالمِ على المُبادَرةِ إلى التَّوبَة وردِّ الحقوق إلى أصحابِها، والتَّخلُّصِ منها قَبل يوم القيامَةِ.

فالذُّنوبُ التي غَيرُ ظُلمِ النَّاس وغَيرُ الشِّركِ باللهِ تَحتَ المَشيئَةِ، قَد يَغفِرُها الله لأصحابِها، أما ظُلمُ النَّاسِ فهذا لا بُدَّ فيه من الرُّجوعِ إلى أصْحابها، فإن عَفَوا وإلا فإنَّه يُقتصُّ لهم من الظالِمِ، والشِّركُ لا يُغفر إلاَّ بالتَّوبَة منه.

إذا كانَ الإنسانُ في الدُّنيا يَشِحُّ بمالِه أن يؤخذ، فكيفَ لا يَشحُّ بِحسناتِهِ أنها تؤخَذُ يومَ القيامة للمظلُومينَ، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ لأَِخِيهِ مَظْلَمَةٌ فَلْيَتَحَلَّلْ مِنْهُ اليَوْمَ قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٌ يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ لِلمَظْلُومِينَ، وَإِلاَّ فَإِنَّهُ يُؤخَذُ مِنْ سَيِّئَاتِ المَظْلُومِينَ فَتُطْرَحُ عَلَيْهِ، وَيُطْرَحُ فِي النَّارِ» ([1]).


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (6534).