وَأُوجِبَ
لِإِنْجَا هَالِكٍ مِنْ ظَلاَمَةٍ *** وَنُدِبَ لِمَنْدُوبٍ لِإِصْلاَحِ مُفْسَدِ
وَمَنْ
يُولِ عَمْدًا كَاذِبًا لاِقْتِطَاعِهِ *** بِحَقِّ امْرِئٍ يَغْضَبْ
عَلَيْهِ وَيُعِدِ
*****
اليَمينِ ولا
تتركوها بدونِ كفَّارَة ﴿كَذَٰلِكَ
يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [المائدة: 89].
الحَلِفُ قد تكونُ
واجبَةً إذا كانت لإنجاءِ إنسَانٍ من يَدِ ظالِمٍ، ولو لم يحْلِفْ ما تركه هذا
الظَّالِمُ، وقد تكون مسْتَحَبَّةً، وتكون مباحةً وتكون محرَّمَةً، أو تكون
مكروهةً كراهَةَ تنزيه، حَسَبِ المَحلوفِ عليهِ.
ولهذا قال النَّاظم:
«وَأَوْجِبْ»؛ اليَمينَ التي يترتبُ عليها إنجاءُ «هَالِكٍ مِنْ
ظَلاَمَةٍ»؛ يعني من ظُلمِ ظَالِمٍ، إذا حلفت خلَّصْتَه بذلك، وإذا لم تَحلِف
فإنه يُهلكهُ الظَّالم.
«وَنُدِبَ
لِمَنْدُوبٍ لِإِصْلاَحِ مُفْسَدِ»؛ تكون مندوبةً إذا ترتبَ عليها إصلاحٌ بين الناس؛
لأنه يَجوزُ الكذبُ لإصلاح ذاتِ البين، الكذبُ كبيرةٌ من كبائر الذُّنوب، ولكنَّه
مباحٌ لإصلاح ذات البين، وإذا اسْتدعى الأمْرُ الحَلفَ يحلف لأجل إصْلاح ذات
البَينِ.
أما اليَمينُ المحرَّمةُ فهي اليمين التي يحلِفُها لأكْلِ أموالِ النَّاسِ، كأن يَحلِفَ عند القاضي من أجْل أن يَكسِبَ القَضيَّة ولو كان مبطلاً؛ ليأخُذَ مالَ غيره، إذا طلب القاضي منه اليَمين يَحلِفُ ولا يُبالي، هذا عليهِ الوَعيدُ الشَّديدُ، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ»؛ قيل: يا رَسولَ الله ولو كان شيئًا يَسيرًا؟ قال: «وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاك» ([1])، فلا يجوز
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2417)، ومسلم رقم (137).