وَلاَ
شَيءَ فِي إِيْلاَ المُحِقِّ تَيَقُّنًا *** وَإِنْ يَفْتَدِي
الإِيْلاَ أَبَرُّ فَجَوِّدِ
وَلاَ
تَجْعَلَنَّ اللهَ دُونَكَ جُنَّةً *** بِأَيْمَانِ كَذِبٍ
كَالمُنَافِقِ تَعْتَدِي
وَيُكْرَهُ
تَكْثِيرٌ وَإِفْرَاطُ صَادِقِ *** اليَمِينَ لِخَوْفِ الكَذِبِ عِنْدَ التَّعَدُّدِ
*****
للإنسان أن يحْلِفَ
في الخُصومات إلاَّ إذا كان بارًّا وصادقًا، أما أن يَحلفَ من أجل أن يَحكُم له
القَاضي بمالِ أخِيه، فهذه يَمين فَاجرَةٌ والعياذ بالله.
أما اليمين
المُباحَةُ فهي أن يحلِفَ وهو صادقٌ في الخصومَةِ، فإذا حلف وهو صادِقٌ وحكم له
القاضي فهذه يمينٌ مُباحة؛ لأنه لَم يَكذِبْ، وإنما حلف لاستِنْقَاذِ حقِّه فقط،
فلا شيءَ عليه في ذلك، وكونه يَترُك الحلف في هذه الحَالة تعظيمًا لليمين فهذا
أفْضَل له من الحَلفِ.
الذي جَعلَ اللهَ
بضاعَتَه، لا يَشتِري إلاَّ بِيمِينِه، ولا يَبيعُ إلاَّ بيمِينه، هذا لا يُنظَر
إليه يوم القيامَةِ، قال صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ
إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ،
أُشَيْمِطٌ زَانٍ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ، وَرَجُلٌ جَعَلَ اللهَ بِضَاعَته، لاَ
يَشْتَرِي إلاَّ بِيَمِينِ، وَلاَ يَبِيعُ إلاَّ بِيَمِينِ» ([1]).
وكذلك ولو كان صادقًا فَليتَجَنَّبْ كَثرَةَ اليَمينِ، ولا يُكثر من الأيمانِ وإن كان صادقًا احْتِرامًا لليمِينِ، ولا يعَوِّد نفسَه التَّساهُل فيها، قال تعالى: ﴿وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ﴾ [القلم: 10]. ولأنَّ إكثارَه من الحلِفِ وإن كان صادقًا قد يَجُرُّه إلى الحَلِفِ كاذبًا تساهلاً باليمين.
([1]) أخرجه: الطبراني في «الكبير» رقم (6111)، والبيهقي في «الشعب» رقم (4852).