وَتَخْلِيدُهُ
فِي النَّارِ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجٍ *** وَقَالَ سِوَاهُ إِنْ
يُجَازَى يُخَلَّدِ
*****
والخِلافُ بَينَهمْ
وَبين ابن عباس رضي الله عنهما هُو في مَسألَةِ إنفاذِ الوَعيدِ أو عَدمِ
إنفَاذِه، لا على أنَّهُ كَافرٌ، فعند الجميعِ لَيس بِكافِرٍ، ولكن ابن عباس رضي
الله عنه يقول: «لاَ بُدَّ مِنْ نُفُوذِ الوَعِيدِ فِيهِ وَلَوْ تَابَ؛ فَإِنَّ
التَّوْبَةَ لاَ تُسْقِطُ عَنْهُ العَذَابَ»، والجُمهورُ يَقولُون: «مَنْ تَابَ
تَابَ الله عَلَيْهِ وَسَقَطَ عَنْهُ الْعَذَابُ»، ولا يُخلَّدُ في النَّار
عندَ الجَميعِ خِلافًا للخوارجِ والمُعتزِلَة.
والإمام ابن القيم
رحمه الله يقول: إنَّ القَتلَ العَمدَ العُدوانَ يتعلق به ثلاثةُ حُقوقٍ:
الحقُّ الأوَّلُ: حَقُّ الله جل
وعلا ؛ لأنَّهُ ارتَكبَ مَا نَهى اللهُ عنه.
الحقُّ الثَّاني: حَقُّ القَتيلِ؛
لأنَّهُ قتَلَهُ بِغيرِ حَقٍّ، واعْتدَى عَليه.
الحقُّ الثَّالث: حَقُّ أولِياءِ
القَتيلِ.
قال: فأمَّا حَقُّ
اللهِ فَيسقُطُ بالتَّوبَة، وأما حَقُّ الأولياءِ فَيسقُط إما بالقِصاصِ وإما
أَخْذِ الدِّية أو العَفوِ، وأما حقُّ القَتيلِ فيبقى على القاتِلِ إلى يوم
القيامة، ثُمَّ يَتوافى القاتِلُ والقَتيلُ عند الله جل وعلا فيحكم بينهما
بِحكْمِهِ العَدل.
«وَقَالَ سِوَاهُ إِنْ يُجَازَى يُخَلَّدِ»؛ أما سوى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ومعْنَى قَولِه: «مُؤَوِّلاً»؛ يعني مُفسِّرًا؛ لأنَّ السَّلفَ عندَهم أنَّ التَّفسيرَ يُسمَّى التَّأويلَ، ما هو بالتَّأويلِ الذي عند المُتأخِّرين، الذي هو صرف اللَّفظِ عَن ظَاهِره، وإنما هو التَّفسيرُ، فعبد الله بن عباس فسَّرَ الآية بأنه لا بُدَّ من نفوذِ الوَعيد في القاتل عمدًا عُدوانًا، وتخْلِيدِه في