وكذلك قَتلُ
المُعاهِدِ حَرامٌ ولا يجوز، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا
لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا ليوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ
أَرْبَعِينَ سَنَةً» ([1])؛ الحديثُ في الصَّحيحِ.
لأنَّ المُعاهد لَهُ ذِمَّةُ اللهِ وذمَّةُ المُسلمِينَ، فمن قتَلَهُ فقد خانَ وغَدرَ بِذِمَّةِ اللهِ وذِمَّةِ المُسلمين، والمُعاهِدُ يَشمَل الذِّمِّيَّ الذي يدْفَعُ الجِزيَة، ويشمل المُستأمَنُ الذي يدْخُل بِلاد المُسلمينَ بِأمانٍ مِنهُم، والذي يدْخلُ بِلادَ المُسلمينَ بِإذنِهم لعملٍ أو لِسفارَةٍ أو لغير ذلك، أو لأداء رِسالَةٍ هذا يُحفظ دمُه، قال تعالى: ﴿وَإِنۡ أَحَدٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥ﴾ [التوبة: 6]، وكذلك يَشمَلُ الذين بيننا وَبينَهم عَهدٌ ولو كانوا في بلادهم، إذا تَعاهدَ المُسلِمون مع الكُفَّار فإنه يجِبُ على المُسلِمين الوفاءُ مع الكفار؛ سَواءً كانوا في بلاد المُسلِمين أو في بلاد الكفار، فالوَفاءُ بالعَهدِ واجبٌ، قال تعالى: ﴿وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسُۡٔولٗا﴾ [الإسراء: 34]، فلا يَجوزُ قتلُ الكافرِ في هذه الأحْوالِ، وإنَّما القتل للحَرْبي الذي هو من دوْلَةٍ أعلَنَّا الحَربَ عليهم وليس بيننا وبينهم ذِمَّةٌ ولا عهدٌ ولا أمانٌ، فهؤلاء يقتلون في الجهادِ في سَبيلِ الله؛ لا في غَيرِ الجِهادِ لما يَجرُّه قتلهم في غير الجهادِ من الشَّرِّ على المسلمين، أما من عَداهُم فإنه لا يَجوزُ قَتلُ أحد منهم، إلاَّ أن يَنتَهي الذي بينهم وبين المُسلِمين.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3166).