فَإِنَّ
الذِي تَدْعُوهُ يَرْزُقُ مَنْ عَصَى *** وَفَاتِحُ بَابٍ لِلمُطِيعِ
وَمُعْتَدِي
وَلَكِنَّمَا
صِدْقُ الرَّجَاءِ مَفَاتِحَ الخَزَائِنِ *** فَادْعُ
وَابْتَغِ الفَضْلَ وَاجْهَدِ
*****
«الذِي تَدْعُوهُ»، وَهُوَ اللهُ؛
حَليمٌ يرزقُ العُصاةَ وهم يعصونَهُ يَرزقهم ويُعطِيهم، وهم عصَاةٌ، هذا دليلٌ على
حِلمِه سبحانه وتعالى، وهذا أيضًا لِحكْمَةٍ منه سبحانه وتعالى من أجْلِ أن
يَرجِعوا ويَتوبُوا إلى الله لا يُعاجلهم بالعُقوبَة، بل يُمهلهم ويَرزُقُهم
ويُعطيهم الفُسحَة لَعلَّهم يرجعون، فإذا رَجعتَ إلى اللهِ تابَ اللهُ عليكَ.
«فَاتِحُ بَابِ»؛ التَّوبَةِ، «لِلمُطِيعِ»؛
الذي يَتزوَّدُ من الطَّاعَة، «وَفَاتِحُ بَابٍ لِلمُعْتَدِي»؛ وهو
المُذْنبُ لعله يتوبُ من ذُنوبِهِ، البابُ مَفتوحٌ اللَّيلَ والنَّهارَ، ينزِلُ
كُلَّ لَيلَةٍ إلى سماء الدُّنيا حينَ يَبقَى ثُلثُ اللَّيلِ الآخِرِ ويَقولُ: «هَلْ
مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبُ عَلَيْهِ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرُ لَهُ، هَلْ مِنْ
سَائِلٍ فَأُعْطِيه»؛ هو سبحانَهُ فَاتحُ بَابِه للتَّائبينَ، ولا أنت بحاجَةٍ
أنك تَذهَبُ لأحَدٍ وتتوبُ عِندَه مثل ما يفعلُ النَّصارَى الذين يذهَبونَ إلى
القسيس ويعلِنونَ تَوبَتَهم عِندَه، ثُمَّ يعطيهم صَكًّا بالغُفرَان، هذا من
تُرَّهات النصارى، والله جل وعلا ما حدد لك وقتًا تَتوبُ فيه ولا يَقبلُ التَّوبَة
في غيره، ولا مَكانًا تتوبُ فيهِ ولا يَقبلُ التَّوبةَ في غير ذلك المكان، بل في
أي مكانٍ، وفي أي زمانٍ، وفي أي ليلٍ أو نهارٍ تبتَ إلى الله توبةً صادقةً فإن
الله يقبل توبتك، ويغفر ذنوبك.
الدُّعاءُ هو مِفتاحُ
خَزائنِ اللهِ جل وعلا، فإذا أردْتَ فَتحَ خَزائنِ الله فَأكثِرْ من الدُّعاء.