×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَأَشْبَاهُهَا مِنْ ظَاهِرِ الحُكْمِ مُجْمَعٌ *** عَلَيْهِ لِجَهْلٍ عَرِّفْنَهُ وَأَرْشِدِ

فَمَنْ لَمْ يَتُبْ أَوْ لَيْسَ يَجْهَلُ مِثْلَهُ *** لِمَجْحُودِهِ يَكْفُرُ وَبِالسَّيفِ فَاقْدُدِ

وَتَارِكُ إِحْدَى الخَمْسِ وَهْنًا وَصَوْمَهُ *** وَحْجًّا زَكَاةً نَاوِيًا تَرْكَ سَرْمَدِ

*****

إذا كان مِثلُه يُعذَرُ بِالجَهلِ «عَرِّفْنَهُ»؛ يعني فعَلِّمْه، فإن أصَرَّ على رأيهِ فإنَّه يُحكم بردَّتِه لزوال عُذرِه.

«مِنْ ظَاهِرِ الحُكْمِ»؛ أي الذي حكمُه ظَاهرٌ في القُرآن مثل الزِّنا، مثل الخَمرِ، مثل الرِّبا، هذا حكمُه ظَاهرٌ، يعرفُهُ العَامِّيُّ والمُتعلِّمُ، فمن جَحَد تَحريمَه يُحكم بِردَّتِه؛ لأن إجماعَ أهلِ العِلم حُجَّةٌ قاطِعَة، فمن خالف الإجماع كَفَر، إنما يُعذرُ في المسائل الخِلافِيَّة الخفِيَّة، وأما المَسائِل المجْمَع عليها، فمن خالفَ فيها يَكفرُ: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ[النساء: 115]، هذه مُخالَفة الإجْماعِ ﴿نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا[النساء: 115]، فالإجماع حجَّةٌ قاطِعَةٌ.

أما إذا تَركَ الصَّلاةَ كسلاً، فهذا يُدعى إليها ويؤمَرُ بالصَّلاةِ، فإن تابَ وصلَّى فالحمْدُ لله، وإن استَمرَّ على تركِ الصَّلاة ولو لم يَجحدْ وُجوبَها فهذا مُرتدٌّ على الصَّحيحِ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاَةِ» ([1])، وقال: «العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ» ([2])، وهذا مذهبُ جَمعٍ من الأئِمَّةِ؛ كالإمام أحمَدَ، وإسحَاقَ بن راهَوَيه، وجمعٍ من المُحدِّثين عَملاً بهذا الحديث.


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (82).

([2] أخرجه: الترمذي رقم (2621)، والنسائي رقم (463)، وابن ماجه رقم (1079)، وأحمد رقم (22937).