×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَمَنْ حَلَّلَ المَحْظُورَ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ *** عَنِ النَّفْسِ وَالأَمْوَالِ كَفِّرْهُ تُرْشَدِ

*****

كذلك من نواقضِ الإسْلامِ تَحليلُ المُحرَّمِ، المُجمع على تحريمِهِ، أو ما كان تحريمُهُ معلومًا بالضَّرورَةِ من دينِ الإسلامِ؛ مثل تحريم الخَمرِ، وتحريم الرِّبا، وتحريم المَيتَةِ، وتحريم الزِّنا وتحريم السَّرقَةِ.. هذه معلومٌ من الدِّينِ بالضَّرورَةِ أنَّها مُحرَّمةٌ، فالذي يستحلها يكون كافرًا بالله عز وجل ؛ لأنَّه مكذِّبٌ للهِ ولرسولهِ ولإجماع المسلِمينَ، إلاَّ إذا تناولها عندَ الضَّرورَةِ، إذا اضطرَّ الإنسان إلى الحرامِ فإنه يُباح له بقدرِ الضَّرورة، قال جل وعلا: ﴿وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ[الأنعام: 119]، قال تعالى: ﴿فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ [البقرة: 173]، مَن اضطر إلى أكلِ المَيتَةِ أُبيح له ذلك بقدر ما يدفع عنهُ الهَلاكَ، كذلك إذا اضطرَّ إلى مال الغير، فلا بأسَ أن يأكل ما يُبقِي عليه حَياتَه، ولو لم يأذَنْ له صاحِبُه.

وإذا كان من يستحِلُّ الحرامَ له شُبهةٌ؛ فإنه يُبينُ له أن هذه الشُّبهَةَ باطلةٌ ويُدرأ عنه التَّكفيرُ حتى يُبين له، فإن أصرَّ بعد البيانِ فإنه يُحكم بكفرِهِ، مثال ذلك الذين شربوا الخَمرَ في عهد عمر رضي الله عنه، واستدَلُّوا بقوله تعالى: ﴿لَيۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ جُنَاحٞ فِيمَا طَعِمُوٓاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَّءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ[المائدة: 93].

فهِمُوا أن التَّقيَّ المؤمن المحسِنَ أنه يُباح له شربُ الخَمرِ، من ظاهرِ اللَّفظِ، ولم يعلموا أنَّ الآية نزلَتْ في الذين ماتوا وهم يَشربونَ الخمرَ قبل أن تُحرَّمَ وتأسَّف عليهم أقاربهم، أنَّهم ماتوا وهم يَشربونَ الخمر، خافوا عليهم، فأنْزلَ الله هذه الآية: ﴿لَيۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ


الشرح