فَلاَ
رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا لِمُكَلَّفٍ *** وَأَوَّلُ مَا عَنْهَا
يُحَاسَبُ فِي غَدِ
*****
فبعدَ التَّوحيدِ
مُباشَرةً يَأتي مَكانُ الصَّلاةِ في الإسلام، ممَّا يدُلُّ على عِظَمِ هذهِ
العِبادَةِ ومكانَتِها، وقدْرِها عندَ اللهِ سبحانه وتعالى، والقُرآنُ مَملوءٌ من
ذِكرِ الصَّلاةِ، والسُّنَّةُ مَملوءَةٌ من ذِكرِ الصَّلاةِ والحَثِّ عليها، ومع
هذا لا قِيمَةَ لها عِندَ كَثيرٍ ممن يَنتَسِبونَ إلى الإِسلامِ ولا يَرعَونَ لها
بالاً ويقولون: الدِّينُ ليسَ هُو الصَّلاة، ولا هو كذا وكذا، الدِّينُ في
القَلبِ، وكيف يكون في القَلبِ دِينٌ وأنتَ لا تُصلِّي، لو كان في القلب دينٌ
لصَلَّيتَ، فهذا من المغالطة.
«فَلاَ رُخْصَةَ فِي
تَرْكِهَا لِمُكَلَّفٍ»؛ ما رُخص للمُسلِم في تَركِها أبدًا في جَميعِ
الأحوالِ، ما دامَ عقلُه مَوجودًا فإِنَّه تجبُ عَليه الصَّلاةُ على حسبِ
اسْتِطاعَتِه، فهي لا تَسقُطُ عن المَريضِ، بلْ يُصلِّي على حَسبِ حالِه، ولا
تَسقُط عن المُسافِر، بل يُصلِّيها علَى حَسبِ حَالِه قصرًا وجمعًا ولا يَترُكها،
ولا تَسقُط عن المُقاتِل في سَبيلِ الله، النَّاسُ وهم في المَعرَكةِ لا تسقطُ
عنهم الصَّلاة، النَّاسُ وهم هَاربونَ من العَدُوِّ لا تسقط عنهم الصَّلاةُ، قال
تعالى: ﴿حَٰفِظُواْ
عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ ٢٣٨ فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانٗاۖ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا
لَمۡ تَكُونُواْ تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 238- 239]، لا تَسقُط عن المُسلِم ما دام
عَقلُه ثابتًا، ولكن يُصلِّيها بِحسبِ اسْتطاعَتِه، أما أنه يَترُكها فلا، فكيفَ
يُسقطُها هؤلاء الذين يدَّعونَ الإسلامَ يُسقطونها من الإسلامِ، ويقولون: إن
صَلَّينا أو لم نُصلِّ فالدِّينُ ما هو بالصَّلاةِ.