×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَيُكْرَهُ قَطْعُ النَّفْلِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ *** وَعْنَ أَحْمَدَ حَرِّمْ كَفَرْضٍ مُؤَكَّدِ

*****

فهي شَاذَّةٌ من ناحية السَّندِ ومن ناحية المَتنِ، فالصَّحيحُ أنها بدعَةٌ وأنها غير مَشروعَةٍ.

من دخَلَ في فَرضٍ فلا يَجوزُ له قَطعُه، إلاَّ في مسألَةِ الضَّرورَةِ، كإنقاذِ مَعصومٍ من هلَكَةٍ، أو تَحذيرِ ضَريرٍ - يعني أعْمَى - من الوُقوعِ في حُفرَةٍ أو في بِئرٍ، فيَجوزُ أن تُقطَع الصَّلاةُ من أجل إنقاذِ الشَّخصِ من الهَلكَةِ، وأما فيما عدا ذلِكَ فلا يَجوزُ قَطعُ الفَريضَةِ، وأما النَّافِلَة فيُكره قطْعُها كراهَةَ تَنزيهٍ، ولا يَحرُم كما هو المَذهَبُ، تَنزيهٌ، وفي رواية أخرى في المَذهَبِ أيضًا أنَّه يَحرُمُ؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ [محمد: 33].

والنَّفلُ إذا شَرعَ فيه الإنسانُ وَجبَ عَليهِ إتمامُه؛ لقولِهِ تَعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ [البقرة: 196]، وقوله: ﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ [البقرة: 197]، يعني أحرَم، فإذا أحْرَم به صارَ فرضًا، وإن كان قبلَ الإحْرامِ نَافلَةً، فالصَّحيحُ أنه لا يجوزُ قَطعُ النَّافلَة أيضًا، إذا دخل فيها الإنسانُ فإنَّه يُكمِلُها، إلاَّ صيام النَّفلِ يَجوز قَطعُه؛ لأنه جاء الحَديثُ بذلِكَ، وأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قطع صيام النَّفلِ، وإذا دخل في نَافِلَةٍ ثم أقِيمَتِ الصَّلاةُ؛ قالوا: يُتمُّها خَفيفَةً إلاَّ أن يَخشَى فَواتَ الجَماعَة فيقطَعُها، وقيل: يَقطَعُها مطلقًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إلاَّ المَكْتُوبَةَ» ([1]).


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (710).