×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

﴿فَلۡتَقُمۡ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُم مَّعَكَ [النساء: 102]، إلى آخر الآية، فإذا وَجَبتْ في حَالَة الخَوفِ ففي حَالَة الأمْنِ من بابِ أوْلى، فصَلاةُ الجَماعَةِ وَاجبَةٌ على الأصَحِّ من قولي العُلماء، وهو الذي تَدلُّ عليهِ الأدِلَّةُ.

بل إن بعضَ العُلَماءِ كشيخِ الإسلامِ ابنِ تيمِيَّة يرى أنَّ صَلاةَ الجمَاعَة شرطٌ، لا تصِحُّ الصَّلاةُ بدونها مع الاسْتطاعَةِ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ إلاَّ مِنْ عُذْرٍ»؛ هذا دَليلٌ على أنَّها شَرطٌ لصِحَّةِ الصَّلاةِ، وأنه لو صَلَّى وحدَه من دونِ عُذرٍ فصلاتُه غَيرُ صَحيحَةٍ.

فالخَطرُ في إهمالِ صَلاةِ الجَماعَةِ شَديدٌ جدًّا، وهذا في الصلواتِ الخَمسِ والجُمُعَة كما يأتي، أما النَّوافِلُ فلا يُشترط لها الجَماعَةُ، ولا تجب الجَماعَةُ لها، وإنما تُستحبُّ في صلاة الكسُوفِ، وفي صَلاةِ الاسْتسقاءِ، وصلاةِ التَّراويحِ، هذه تُستَحبُّ لها الجماعة وليست واجِبَةً، أما الفريضَةُ فصلاةُ الجَماعَةِ واجبةٌ أو شرطٌ.

وأما الذين يقولون: إنَّها سُنَّةٌ. فقولهم مرجُوحٌ، والأدِلَّةُ تدُلُّ على أن الرَّاجحَ بل الأصَحَّ وجوبُ صَلاةِ الجَماعَةِ للرِّجالِ.

أما النِّساءُ، فلا تجب عليهنَّ الجَماعَةُ؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» ([1])، وصلاةُ المرأةِ في بَيتِها أفضَلُ من صَلاتها مع الجَماعَة، وكذلِكَ العَبدُ المملوكُ لا تجب عليه صلاةُ الجَماعَة؛ لأن وقتَهُ لِسيِّدِه، فهو يُصلِّي في مكانهِ، ولأجْلِ أنْ يَقومَ بالعَملِ الموكَلِ إليهِ، فالمرأةُ والعَبدُ لا تجبُ عليهما صلاةُ الجَماعَة.


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (900).