×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَحَافِظْ عَلَى شَهْرِ الصِّيَامِ فَإِنَّهُ *** لَخَامِسُ أَرْكَانٍ لِدِينِ مُحَمَّدِ

*****

اللهُ تعالى، وقالَ: «الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ». قيلَ: مَعناهُ أَنَّ الصَّومَ لا يَتسَلَّطُ عَليهِ الغُرَماءُ، بَل إِنَّ اللهَ يَدَّخِرُهُ للصَّائِمِ، ويَجزِيهِ بِه، بخلافِ بَقِيَّةِ الأعمالِ فَإنَّ الغُرَماءَ - المَظلُومِينَ - يَأخذُونَ مَظالِمَهُم مِن أَعمالِهِ يَوْمَ القيامَةِ، فَيقتَصُّونَ مِنهُ إلاَّ الصَّومَ فإِنَّ اللهَ يَمنَعُهم؛ لأنَّ الصَّومَ للهِ، ولا سَبِيلَ لأحَدٍ إِلَى الأخْذِ مِنهُ.

والقولُ الثَّانِي: أنَّ مَعنَى قَولِهِ تعالى: «الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» أَنَّ الأعمالَ يُضاعَفُ أَجْرُها بِعَشْرِ حَسناتٍ إِلَى سَبعِمائةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضعافٍ كَثِيرَةٍ، إلاَّ الصَّومَ فَإِنَّهُ لاَ يُقَدَّرُ مُضاعَفَةُ جَزائِهِ؛ لأنَّ الصومَ مِنَ الصَّبرِ، واللهُ جل وعلا يقولُ: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ [الزمر: 10]، فَهذا مِن فَضائِلِ الصِّيامِ أَنَّ أَجْرَهُ لا يَتقَدَّرُ بِمُضاعَفَةٍ، بِخِلافِ بَقِيَّةِ الأعمالِ فَإِنَّها تُضاعَفُ إِلَى عَشْرٍ إِلَى سَبعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلى أَضعافٍ كَثِيرَةٍ مُحدَّدةٍ، ولكنَّ الصومَ لا يُحَدَّدُ مُضاعَفتُهُ؛ لأَنَّه مِنَ الصَّبرِ.

 

466 «حافِظْ عَلَى شَهْرِ الصِّيامِ» وهو شَهرُ رَمضانَ، قال تعالى: ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ [البقرة: 185]، وقالَ جل وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ [البقرة: 183]، يعني فُرِضَ. فالصِّيامُ فَرضٌ ورُكنٌ مِن أَركانِ الإسلامِ، وهو صِيامُ شَهرِ رَمضانَ المُبارَك.

هو الرُّكنُ الخامِسُ مِن أَرْكانِ الإسلامِ، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الإِْسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِيَ


الشرح