×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

فَقُمْ لَيْلَهُ وَاقْطَعْ نَهَارَكَ صَائِمًا *** وَصُنْ صَوْمَكَ عَنْ كُلِّ مَوْهٍ وَمُفْسِدٍ

وَتَرْكُ مَقَالِ الزُّورِ فِي النَّاس وَاجِبٌ *** وَلَكِنَّهُ مِنْ صَائِمٍ ذُو تَأَكُّدِ

*****

فَدَخَلَ النَّارَ، قُلْ: آمِينَ، قُلْتُ: آمِينَ» ([1]). وأَمَّا مَن منَّ اللهُ عليهِ؛ فاستفادَ مِن هذا الشَّهرِ فإنَّهُ يَكُونُ مِنَ السُّعَداءِ.

شَهرُ رَمضانَ لَيلُهُ قِيامٌ، وَنهارُهُ صِيامٌ، هذا مِن فَضائِلِه أنَّهُ مَعمُورٌ ليلُه ونَهارُهُ، نَهارُه كُلُّهُ صِيامٌ. وَأنتَ فِي عِبادَةٍ طُولَ النَّهارِ؛ لأنَّك صائِمٌ، وكَذلِكَ مَن قامَ مَع الإمامِ حَتَّى يَنصرِفَ كُتِبَ له قيامُ لَيلَةٍ، فأنتَ كُلَّ لَيلِكَ قَائِمٌ، إذا قُمتَ مَعَ الإمامِ حَتَّى يَنصرِفَ كُتِبَ لَك قِيامُ لَيلَةٍ. فَكأنَّكَ قُمْتَ اللَّيلَ كُلَّهُ، هذا فَضلٌ عَظِيمٌ وثَوابٌ جَزِيلٌ فِي هذا الشَّهرِ الجليلِ.

«وَصُنْ صَوْمَكَ عَنْ كُلِّ مَوْهٍ» يَعِني: مُضعِف ومُفسِد ومُبطِل؛ لأنَّ المُخالفاتِ عَلَى قِسمَينِ:

مِنها ما يَنقُصُ ثَوابَ الصِّيامِ أو يُبطِلُ ثَوابَهُ.

وَمِنْهَا ما يُبطِلُ الصِّيامَ، مثل: الأكل والشُّرب مُتعمِّدًا والجِماع والحِجَامَة وغير ذلك، هَذِه تُبطِلُ الصِّيامَ. وأمَّا المَعاصِي فإِنَّها تَنقُص ثَوابَ الصِّيامِ أو تُبطِلُ ثَوابَه.

وَتَركُ الزُّورِ: وهيَ جَمِيعُ المَعاصِي مُتأكَّدٌ عَلَى الإِنسانِ تَركُها فِي كُلِّ شُهُورِهِ وَفِي كُلِّ أَيَّامِه، ولكِنَّهُ مِن صائِمٍ مُتأكَّدٌ أَكْثَر، مُتأكَّدٌ أَنَّهُ يَتجنَّبُ الشَّتمَ والسَّبَّ وقولَ الزُّورِ وَفِعْلَ المَعاصِي؛ لأَنَّها تُؤثِّرُ عَلَى


الشرح

([1] أخرجه: ابن خزيمة رقم (1888)، وابن حبان رقم (409)، وأبو يعلى رقم (5922).