وَإِنْ
تَبْغِ أَسْنَى الصَّوْمِ نَفْلاً تَصُومُهُ *** فَيَوْمًا
وَيَوْمًا صَوْمَ دَاودَ فَاقْصِدِ
*****
ضَرورةٌ، واللهُ جل
وعلا يَقُولُ: ﴿إِلَّا
مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ﴾ [الأنعام: 119].
كَذلِكَ لو أُصِيبَ
الإنسانُ بِالشَبَقِ، وهو قُوَّةُ الشَّهوةِ. بأنْ يُريد الجِماعَ دائِمًا،
وتُشَقَّقُ أُنثياهُ لو لَمْ يُجامِع، هذا مَرضٌ. ولا يَندفِعُ عَنهُ إلاَّ
بالجماعِ، يُباحُ له في رَمضانَ لأَنَّه مِثلُ المَرِيضِ. ويقضِي هذا اليومَ؛
لأنَّ هذا مِن بابِ الضَّررِ، وليس عليه كَفَّارةٌ؛ لأَنَّه مُتَضَرِّرٌ.
هذا مَعنَى «وَلاَ
يَدِي» يَعنِي: لا يُكفِّرُ؛ لأَنَّه مُضطرٌّ.
لمَّا فرغَ النَّاظِمُ رحمه الله مِن بَيانِ أَحكامِ الصَّومِ الوَاجِبِ، وهو صَومُ رَمضانَ انتقلَ إِلَى الصَّومِ المُستحَبِّ؛ لأَنَّ اللهَ جل وعلا شَرعَ بَعدَ كُلِّ عبادةٍ واجِبَةٍ نَفلاً مِن جِنْسِها؛ حيثُ شَرعَ بَعدَ فريضةِ الصَّلاةِ صَلواتٍ نَوافِلَ، وَشرعَ بَعدَ فَرِيضةِ الزَّكاةِ صَدقاتٍ نَوافِلَ، وَشَرعَ بَعدَ الصِّيامِ صِيامَ نَفلٍ، وَشرعَ بَعدَ حَجِّ الفَرِيضةِ حَجَّ نَفْلٍ، ونحنُ الآنَ في نَفلِ الصِّيامِ، والحِكمةُ فِي ذلِكَ، واللهُ أعلمُ أنَّ هذِه النَّوافِلَ فيها زِيادَةٌ فِي عَملِ المُسلمِ مِن ناحِيَةٍ، وَفِيها جَبرٌ لِمَا يَحصُلُ فِي الفرائضِ مِن النَّقصِ مِن ناحِيَةٍ أُخرَى فإنَّ الإنسان عُرْضَةٌ للنَّقصِ والخَلَلِ فِي أَداءِ الواجباتِ، فَمِنْ حِكمَةِ اللهِ جل وعلا أنْ شَرعَ هَذهِ النَّوافِلَ لتُجْبَرَ بِهَا الفَرائِضُ يَومَ القيامةِ كما جاءَ في الحديثِ ([1])، وأعَلَى صَوْمِ النَّفلِ صَومُ دَاودَ، كما أخبرَ بذلك النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وهو أنَّهُ يَصومُ يومًا، وَيُفطِرُ يومًا، هذا أعْلَى درجاتِ صَومِ التَّطوُّعِ ([2])، أمَّا أَن يَصُومَ الإنسانُ الدَّهرَ كُلَّهُ، ولا يُفطِرُ أبدًا فهذا
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (413)، والنسائي رقم (467).