وَمِنْ
كُلِّ شَهْرٍ صُمْ ثَلاَثَةَ بِيضِهِ *** وَيَوْمَ خَمِيسٍ ثُمَّ
الاثْنَيْنِ فَاعْمِدِ
*****
لا يَجوزُ، ولمَّا بلغَ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم أنَّ رَجُلاً يقولُ: أنا أَصُومُ، ولا أُفطِرُ. قالَ: «أَمَّا أَنَا
فأَصُومُ وَأُفْطِرُ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» ([1]) وكانَ صلى الله
عليه وسلم يَصومُ ويُكثِرُ مِن الصَّومِ، ويُفطِرُ، ويُكثِرُ مِن الإفطارِ؛ فَهو
لا يُداوِمُ عَلَى الإفطارِ، ولا يُداوِمُ عَلَى الصَّومِ، وهكذا شَريعتُهُ صلى
الله عليه وسلم شَرِيعةُ الاعتِدالِ شَرِيعةُ الوَسَطِيَّةِ، فَلا يصومُ الإنسانُ
كُلَّ حياتِهِ، ولا يُفطِرُ أبدًا. ولا يُفطِرُ كُلَّ حَياتِهِ، ولا يَصومُ؛ بَلْ
يعتدل. وأعْلَى أنواعِ الصِّيامِ، وأكمَلُ صِيامِ التَّطوُّعِ صِيامُ دَاودَ،
يصومُ نِصفَ الدَّهرِ: يَصومُ يومًا، ويُفطِرُ يومًا.
كَذلِكَ مِن أَنواعِ صَومِ التَّطوُّعِ صَومُ ثلاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ كَما أَوْصَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبا هُريرَةَ بِذلِكَ، بأنْ يَصُومَ ثَلاثةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهرٍ ([2])؛ لأنَّ الحَسَنةَ بِعَشْرِ أَمثالِها؛ فإذا صامَ ثلاثةَ أيَّامٍ، والحَسنةُ بِعَشْرِ أَمثالِها. فَاليَومُ الواحِدُ عَن عَشَرةِ أيَّامٍ، فالمجموعُ شَهرٌ كامِلٌ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ في العَملِ، وشَهرٌ فِي الثَّوابِ مِن اللهِ سبحانه وتعالى. هذا فيه تيسيرٌ عَلَى الأُمَّةِ؛ بِحيثُ إِنَّها تَحصلُ عَلَى الأجرِ الكامِل، ولا يَحصُلُ عليها مَشقَّةٌ وتَعبٌ، هذا مِن كُلِّ شَهرٍ، أيضًا مِن كُلِّ أُسبوعٍ يُستحَبُّ أَنْ يَصُومَ يومَ الاثنينِ ويومَ الخميسِ؛ لأَنَّهما يَومانِ تُعرض فيهما الأعمالُ عَلَى اللهِ جل وعلا، فيُعرَضُ عَمَلُ العبدِ، وَهوَ صائِمٌ كَما قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ([3]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5063).