وَفِي
عَرَفَاتٍ يُشْرَعُ الفِطْرُ قُوَّةً *** عَلَى دَعَواتٍ عِنْدَ
أَفْضَلِ مَشْهَدِ
ويُشْرَعُ
صَوْمُ العَشْرِ وَالشَّهْرِ كَامِلاً *** إِذَا كُنْتَ تَبْغِي
فَالمُحَرَّمَ فَاسْرِدِ
*****
فالمستحَبُّ لَهُ أَن يَكونَ مُفطِرًا يَومَ
عرفَةَ، ولا يَصُومُ؛ لأجلِ أَنْ يَتقوَّى عَلَى العبادَةِ وعَلَى الدُّعاءِ في
هذا اليومِ العظيمِ. والنبيُّ صلى الله عليه وسلم كانَ مُفطِرًا في يومِ عَرفةَ،
ولمَّا تَمارَى النَّاسُ؟ هلِ الرَّسُولُ صائِمٌ أو مُفطِرٌ. جاءَتْ أُمُّ الفضلِ
رضي الله عنها بِقَدَحٍ مِنَ اللَّبنِ؛ فَناولَتْهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم،
وهو عَلَى الرَّاحِلَةِ، فأخذَهُ، وَشَرِبَ والنَّاسُ يَنظرُونَ إليهِ؛
لِيُبَيِّنَ لَهُم صلى الله عليه وسلم أنَّه مُفطِرٌ؛ حتَّى يَقتدُوا به ([1])، فالحاجُّ: الأفضلُ
لَهُ أنْ يكُونَ مُفطِرًا مِن أجلِ التَّقوى عَلَى العبادةِ في يَومِ عَرفَةَ.
كَذلِكَ ممَّا يُستحَبُّ صِيامُهُ عَشرُ ذِي الحِجَّةِ؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ العَشْرِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلاَّ مَنْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» ([2]) والعملُ الصَّالحُ يَدخلُ فيهِ الصَّومُ؛ لأنَّ الصومَ عَملٌ صالِحٌ. وَأيضًا وردَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صامَ عَشْرَ ذِي الحِجَّةِ، مَع دُخولِهِ فِي عُمومِ العمَلِ الصَّالحِ. وكَذلِكَ مِن الصَّومِ المُستحَبِّ صَومُ شَهرِ المُحَرَّمِ كاملاً، قال صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ أَوْ شَهْرُ اللَّهِ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُحَرَّمَ» ([3]) فيُستحَبُّ صِيامُ شهرِ مُحَرَّمٍ كُلِّهِ أَوْ غالِبِه.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1658).