فَإِنْ
تَقْتَصِرْ صُمْ عَشْرَهُ ثُمَّ إِنْ تُهِنْ *** فَتَاسِعُهُ مَعَ
عَاشِرٍ أَوْ لِذَا قَدِ
ويُكْرَهُ
صَوْمُ الدَّهْرِ وَالسَّبْتِ وَحْدَهُ *** وَإِفْرَادُ تَرْجِيبٍ
وَجُمْعَةُ مُفْرَدِ
*****
مِن صِيَام النَّفلِ
المُستحَبِّ صَومُ يَومِ عَاشُوراءَ، فإذا لَم تَصُمْ شَهرَ المُحرَّم فصُمْ يَومَ
عاشُوراءَ، وهو اليومُ العاشِرُ الَّذِي نَجَّا اللهُ فِيهِ مُوسَى وقومَهُ،
وأَهلكَ فِرعونَ وقومَه، فصَامَهُ مُوسى عليه السلام شُكرًا للهِ، وصامَهُ محمد
صلى الله عليه وسلم ؛ لأَنَّ اللهَ قال له: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ﴾ [الأنعام: 90]،
ولمَّا رأى اليهودَ يَصُومُونَ هذا اليومَ سألَهُم قالُوا: إنَّه يومٌ نَجَّا
اللهُ فيه مُوسَى وقومَهُ، فَصامَهُ مُوسَى؛ فَنحنُ نَصُومُه. قالَ صلى الله عليه
وسلم: «نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ» فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصَومِهِ ([1])، فَصومُ يَومِ
عاشُوراءَ سُنَّةُ الأنبياءِ عليهم الصلاة والسلام، وهو يُكفِّرُ اللهُ بهِ سَنَةً
كاملةً لِمَن حَسُنَت نِيَّتُهُ، إلاَّ أنَّهُ لا ينبَغِي الاقتصارُ عَلَى يومِ
عاشُوراءَ فَقط بل يُصامُ يَومٌ قبلَهُ، وهو اليومُ التَّاسِعُ مُخالَفَةً
لليَهُودِ لِقَولِه صلى الله عليه وسلم: «خَالِفُوا الْيَهُودَ: صُومُوا يَوْمًا
قَبْلَهُ» وفي روايةٍ «أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ» ([2])، وقال صلى الله
عليه وسلم: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى العَامِ القَادِمِ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ
وَالعَاشِرَ» ([3]) فَيُستحَبُّ أنْ لا
يُفْرَد عاشُوراءَ، بلْ يُصامُ يَوْمٌ قبلَهُ؛ فمَن فاتَهُ اليومُ الَّذِي قَبلَهُ
يَصُومُ اليَوم الَّذِي بَعدَهُ؛ حَتَّى يُخالِفَ اليَهُودَ.
لَمَّا فَرغَ مِن بيانِ الصَّومِ المُستَحَبِّ بَيَّنَ الصَّومَ المَكرُوهَ، فيُكرَهُ أوَّلاً: إفرادُ شَهرِ رَجبَ بِالصَّومِ، أوْ أَيَّام مِن رَجبَ، وما يَظُنُّ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2004)، ومسلم رقم (1130).