وَمِنْ
بَعْدِهِمْ ذَا العِلْمِ وَالجَارِ قَدِّمَنْ *** وَرَاعِ ذَوِي
الحَاجَاتِ وَالسِّتْرِ تَرْشَدِ
وَلَيْسَ
بِمُجْزٍ دَفْعُهَا لِشَرِيكِهِ *** وَلاَ مَنْ يَعُولَنْ مِنْ قَرِيبٍ وَمُبْعَدِ
*****
أرْحامِك، ومِمَّنْ أنتَ مَحجوبٌ عَن مِيراثِهم،
وهم مُحتاجُون فهم أولى من الأجانِبِ، ابدأ بالأقَاربِ المُحتاجينَ قبل الأجانِب.
أدْناكَ أدْناكَ،
فَهُم أولى بِبِرِّكَ وصَدَقتِكَ من غَيرهم، بِشرطِ أن لا تَكونَ وَارثًا لهم، فإن
كان لَيسَ فِيهم مَن يَحجُبُك عن مِيراثِهم لو ماتوا، فإنه لا يَجوزُ إعطاؤُكَ
لهم؛ لأنَّها تجبُ نَفقتُهُم عليك، فلا تَجعَلِ الزَّكاةَ وِقايَةً لمالِك.
بعد القَرَابَة من
المُحتاجينَ تُعطِي طَلبَة العِلمِ المحْتَاجِين؛ لأن في هذا إعانة لهم على طَلبِ
العِلمِ، ولأنَّهم يَدخلونَ في المُجاهِدين في سَبيل اللهِ؛ لأن طلب العلم من
الجهادِ في سَبيلِ اللهِ، وإذا كان جارُكَ مُحتاجًا فقيرًا فأعْطِه زكاةَ مالكَ
قبل غيره؛ لفَقرِه ولحَقِّ الجِوارِ، ثم بعدَ الجارِ تُعطي المُحتاجَ المُتعفِّفَ،
المُتَستِّر الذي لا يسألُ النَّاس فتُعطِيه قَبلَ الذي يسألُ، قال جل وعلا: ﴿لِلۡفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ
أُحۡصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا يَسۡتَطِيعُونَ ضَرۡبٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ يَحۡسَبُهُمُ ٱلۡجَاهِلُ أَغۡنِيَآءَ مِنَ
ٱلتَّعَفُّفِ تَعۡرِفُهُم بِسِيمَٰهُمۡ لَا يَسَۡٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلۡحَافٗاۗ﴾ [البقرة: 273]. هؤلاء أولَى مِن غَيرِهم، فالفقِيرُ
المُتَستِّر الذي لا يسأل أولَى من غَيره.
ولا يَجوزُ دَفعُ الزَّكاةِ للذِي أنتَ وإيَّاه شُركاء؛ لأن هذا معناهُ التَّرغيبُ له في الشَّرِكَةِ مَعك، فأنتَ تُعطيه مِن أجْلِ أن يَبقَى على مُشارَكتِك وَيُعينَك على أعمالِك، الزَّكاةُ لا يُنظر فيها إلى النَّفعِ الدُّنيوِيِّ العائِدِ على المُزكِّي، وهو النَّفعُ العاجِلُ.