×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

عَفَا اللهُ عَنِّي كَمْ أَوْدَعَ سَائِرًا *** إِلَيْهِ وَذَنْبِي حَابِسِي وَمُقَيِّدِي

تَحَمَّلْتُ أَوْزَارًا تُثَقِّلُ مَنْهَضِي *** وَلَكِنَّنِي أَرْجُو تَجَاوُزَ سَيِّدِي

وَظَنِّي جَمِيلٌ بِالكَرِيمِ وَعُدَّتِي *** شَفِيعُ الوَرَى فِي مَوْقِفِ الحَشْرِ فِي غَدِ

لَئِنْ ثَنَتِ الأَقْدَارُ عَزْمِي عَنِ السُّرَى *** فَشَوْقِي إِلَيْهِ دَائِمٌ وَتَلَدُّدِي

                                                                     *****

حَولَهُ، وتَترَدَّدُونَ عَليهِ؛ لأنَّ العِيدَ يكونُ زَمانِيًّا، ويَكُونُ مَكانِيًّا؛ فَبِهذهِ الدَّعواتِ صانَ اللهُ قَبرَهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الغُلُوِّ وعَمَّا يَحدُثُ عِند القُبورِ الأُخرَى، صانَهُ اللهُ عز وجل. قال ابن القيِّمِ رحمه الله:

فَأجابَ رَبُّ العالمِينَ دُعاءَهُ *** وَأَحاطَهُ بِثَلاثَةِ الجُدْرانِ

حَتَّى غَدَتْ أَرْجَاؤُهُ بِدُعَائِهِ *** فِي عِزَّةٍ وَمَنَاعَةٍ وَصِيَانِ

كُلُّ هذا غُلُوٌّ فِي حَقِّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فالرَّسُولُ لاَ يُسافَرُ إِلَى قَبرِه. والمَغفرةُ والشَّفاعةُ تُطلَبُ مِن الله جل وعلا، الشَّفاعةُ ثابتةٌ، فالرَّسولُ يَشفَعُ لأهلِ الإيمانِ مِن أُمَّتِه، ولا يَشفَعُ لأهلِ الشِّركِ، وإنَّما يَشفَعُ لأهلِ الإيمانِ، فالشفاعَةُ صَحيحةٌ وحَقٌّ، وتُطلَبُ مِنَ اللهِ، ولا تُطلَب مِن الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم فِي حالِ مَوتِهِ، وإنَّما تُطلَب مِن الله، حَتَّى الرسول إذا أرادَ أنْ يَشفعَ يَومَ القيامةِ يَستأذِنُ مِن رَبِّه، ويَخِرُّ ساجدًا بَين يَدَيهِ، ولا يُشَفَّعُ؛ حتَّى يُقالَ لهُ: سَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ؛ لأنَّ الشفاعةَ مِلكٌ للهِ جل وعلا، فلا تُطلَبُ مِن الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم بل تُطلَبُ مِن اللهِ، تقولُ: اللَّهُمَّ شَفِّعْ فِيَّ نَبِيَّكَ!

 الَّذِي يُحِبُّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم ليسَ بِلازِمٍ أنْ يَذهَبَ إِلَى القبرِ، بل الَّذِي يُحِبُّهُ يُسَلِّمُ عليهِ فِي أيِّ مَكانٍ، وَيتَّبِعُه، ويُطيعُه فِي أيِّ مكانٍ، الرَّسولُ ما شَرعَ لنا أَنَّنا نُسافِرُ إِلَى القَبْرِ مِن أَجْلِ أَنْ نُصلِّيَ، ونُسلِّمَ


الشرح